ثم ذكر إدغام اللام في النون وقبحه وأتبع ذلك بكلام مفهوم إلى آخر الباب.
هذا باب الإدغام في حروف طرف اللّسان والثنايا
اعلم أنّ هذه الحروف اثني عشر حرفا ، وهي : الراء واللام والنون والطاء والدال والتاء والصاد والسين والزاي والظاء والذال والثاء.
فأما الراء منها فلا تدغم في شيء من أخواتها لما فيها من التكرير ، وقد روي إدغامها في اللام وهو قبيح جدّا.
وأما اللام والنون فقد تقدم القول فيهما.
وأما الطاء والدال والتاء والظاء والذال والثاء ، فكل واحد من هذه الحروف الستة يدغم في عشرة أحرف منها : الخمسة الباقية من الستة ، وحروف الصفير لا تدغم في غيرها ويدغم بعضها في بعض.
وقد رتب سيبويه إدغام بعض ذلك في بعض ، وبين ما يستحسن ويقوى ، وما يضعف.
واستشهد ـ لإدغام التاء في الصاد ـ بقول ابن مقبل :
* وكأنّما اغتب قصّبير غمامة |
|
بعرّا تصفّقه الرّياح زلالا (١) |
فأدغم التاء في الصاد.
والصّبير : السحاب الكثيف ، وأراد به هاهنا : المطر ، والعرى : المكان المنكشف غير المستتر بشجر أو غيره ـ ومعنى تصفّقه : تضربه وتباشره فيبرد.
وذكر في الباب قولهم : ثلاث دراهم.
يريدون : ثلاثة دراهم ، فأدغموا التاء في الهاء من دراهم.
وقوله : " وتدغم الطاء والدال والتاء في الضاد لأنها اتصلت بمخرج اللام إلى قوله وسمعت من يوثق بعربيته" قال :
* ثار فضجّضجّة ركائبه (٢)
فأدغم التاء في الضاد.
جعل سيبويه السبب في إدغام هذه الحروف في الضاد ، أن هذه الحروف قريبة المخرج من اللام ، وأن الضاد قد اتصلت باللام وهي منحطة عن اللام قليلا ، وتشرك اللام هذه الحروف جميعا في أنّهن حروف طرف اللسان.
__________________
(١) ديوانه ٢٦٠ ، الكتاب وشرح الأعلم ٢ / ٤١٩ ، شرح السيرافي ٣ / ٤١٥ ، الممتع في التعريف ٢ / ٧٠٥ ، اللسان صفق ١٠ / ٢٠٢.
(٢) الشاهد للقنائي في شرح ابن السيرافي. وهو أبو خالد القنائي نسبة إلى جبل لبني أسد ، من قعد الجوارح. الكامل ٣ / ١٦٧.