النون الخفيفة ، وهي النون الساكنة التي مخرجها من الخيشوم نحو النون في : منك وعنك.
ووقع في النسخ : النون الخفيفة ، وقد يجب أن تكون : الخفية ؛ لأن التفسير يدل عليها لأنها تخفى مع حروف الفم ، وإذا كانت ساكنة وبعدها حروف الحلق ، كان مخرجها من الفم من موضع الراء واللام وكانت بينة غير خفية.
والنون الساكنة تدغم في خمسة أحرف : يجمعها : ويرمل. وتنقلب ميما مع الباء كقولك في عنبر ومنبأ : عمبر وممبأ. ولو تكلف متكلف إخراجها من الفم وبعدها باء لأمكن بأعلى مشقة وبعلاج ، وإنما تخرج من الخيشوم وهي ساكنة وبعدها الباء فتنقلب ميما لأن الباء لازمة لموضعها ، وليس فيها غنة فكرهوا تكلف إخراج النون من الفم لما ذكرته لك.
وتباعد ما بين الخيشوم وبين مخرج الباء من الشفتين ، ولم تكن بينهما مشابهة تجمعهما ، فطلبوا حرفا يتوسط بينهما بملابسة تكون بينة وبين كل واحد منهما وهو الميم ، وذلك أن الميم من مخرج الباء وتدغم الباء فيه ، فهذه ملابسة الميم للباء ، وفي الميم غنة في الخيشوم ، فهذه ملابسة الميم للنون التي من الخيشوم.
ومن المستحسنة : همزة بين بين ، وعدها سيبويه حرفا ، وينبغي في التحقيق أن تعد ثلاثة أحرف ، وذلك أن همزة بين بين ، تجعل بين الهمزة وبين الحرف الذي منه حركتها. فإن كانت مكسورة فهي بين الهمزة والياء ، وإن كانت مضمومة ، فبين الهمزة والواو ، وإن كانت مفتوحة فبين الهمزة والألف. فلما كانت الياء غير الواو وجب أن يكون الحرف الذي بين الهمزة والياء غير الحرف الذي بين الهمزة والواو وكذلك الذي بين الهمزة والألف.
ومن المستحسنة : ألف الإمالة. ووقع في بعض النسخ ألف الترخيم وهي الألف الممالة وسماها ألف الترخيم ، لأن الترخيم تليين الصوت ونقصان الجهر فيه.
ومن المستحسنة : الشين التي كالجيم كقولك في أشدق : أجدق ، وإنما نحي بها إلى الجيم لأن الدال حرف مجهور شديد ، والجيم مجهور شديد ، والشين حرف مهموس رخو ، فهو ضد الدال بالهمس والرخاوة ، فقربوها من لفظ الجيم من مخرجها وهي موافقة للدال في الشدة والجهر.
ومن المستحسنة : ألف التفخيم ، وهي ضد الممالة لأن الممالة ينحى بها نحو الياء ، وهذه ينحى بها نحو الواو.
وزعموا أن كتبهم الصلاة والزكاة ونحوه مما كتبت بالواو على هذه اللغة.
ومن المستحسنة : الصاد التي كالزاي في : مصدر ويصدق ونحوه.
وسيأتي ذلك في ما بعد إن شاء الله.
فأما السبعة غير المستحسنة التي هي تتمة الاثنين والأربعين حرفا.