التقدير : منها ضيف مقرب ، ومنها آخر معزول ، ولو نصب لجاز
كما قال :
* وكانت قشير شامتا بصديقها |
|
وآخر مرزيا وآخر رازيا (١) |
ولو رفع شامتا وما بعده لجاز.
وأنشد لذي الرمة :
* ترى خلقها نصف قناة قويمة |
|
ونصف نقا يرتج أو يتمرمر (٢) |
قال : وبعضهم ينصبه على البدل ، وإن شئت كان بمنزلة رأيته قائما كأنه صار خبرا يعني حالا.
ورد المبرد نصب نصفا على الحال ، وقال : لأن نصفا ينبغي أن يكون معرفة والعلة التي ادعى بها التعريف ، أن نصفا بمنزلة بعض وكل ، فالمعنى عنده في نصف : نصفه ، كما أنه إذا قال : مررت ببعض إنما يريد بعضه ، وكذلك كل. والقول ما قاله سيبويه ، لأن النصف من باب الثلث وسائر الأجزاء إلى العشرة ، وهو يثنى ويجمع كما يفعل ذلك بالثلث وما بعده ، فيقال : المال بينهما نصفان ، وهذه أوضح ما يدل على بطلان قوله أنه يقال : النصف بالألف واللام ، ولو كانت معرفة لم تدخله كما تدخل بعضا وكلّا.
قال : ومن الصفة قولك : أنت الرجل كل الرجل فإن قلت : هذا عبد الله كل الرجل فليس في الحسن كالألف واللام.
اعلم أن الصفة قد تأتي على غير وجه البيان لما قبلها ، ولكن على المدح وتعريف المخاطب من أمر الموصوف ما لم يكن يعرفه ، ويأتي ذلك في صفات الله عز وجل على جهة التقرب إليه بالثناء عليه ، وذكر صفاته ، ويأتي في صفات الآدميين على المدح لهم لمن لا يعرفهم بذلك ، ويعرفهم به على جهة الإخبار عن نفسه بمعرفة ذلك والتقرب إلى الممدوح به.
وقد يستعمل في صفات المدح والذم ألفاظ يراد بها المبالغة في ما تضمنه لفظ الموصوف كقولك : أنت الرجل كل الرجل ، ومعناه : الكامل في الرجال وكذلك لو قال : هو اللئيم جد اللئيم ، لكن مبالغة في وصفه باللؤم. ولم يحسن هذا عبد الله كل الرجل كحسن ما
__________________
(١) ديوان النابغة الجعدي ١٧٨ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٢٢ وفي الكتاب (مزريا عليه وزاريا) ورواية الأعلم مثل روايته في النكت ، شرح النحاس ١٧٠ ، شرح السيرافي ٣ / ٢٨٧ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٦٠٦ الخزانة ٥ / ٣٤.
(٢) ديوان ذي الرمة ٢٢٦ ، الكتاب وشرح الأعلم ١ / ٢٢٣ لذي الرمة ، شرح السيرافي ٣ / ٢٨٧ ، شرح ابن السيرافي ١ / ٥٠٠ ، الخصائص ١ / ٣٠١.