بناءهما : مشابهتهما لفعال التي تقع في الأمر. ومشابهتهما إياها وقوعهما موقع غيرهما وأن لفظهما واحد ، وأنهما معرفتان ومؤنثتان.
وزعم المبرد أن الذي أوجب بناءها : أنها لو كانت مؤنثة معرفة غير معدولة ، لكان من حكمها ألا تصرف فلما عدلت ، زادها العدل ثقلا ، فلم يبق بعد منع الصرف إلا البناء.
وهذا قول مدخول من قبل أن الشيء إذا اجتمع فيه علتان ـ تمنعان من الصرف ـ أو ثلاث أو أربع ، كانت القصة واحدة في منع الصرف ، ولا يتجاوز العلل إلى البناء ؛ لأن البناء يقع بمشاكلة الحروف والوقوع موقعها.
ومنع الصرف إنما يكون لاجتماع علتين فصاعدا من العلل التي تمنع الصرف ، فهذا يبين لك ما ذكرناه من صحة قول سيبويه وفساد قول غيره.
قوله : «والضم نحو حيث وقبل وبعد»
وأما" حيث" فقد مر تفسيرها.
أما «قبل» و «بعد» : فإن أصلهما في الكلام أن تكونا مضافتين فحذف ما أضيفتا إليه ، واكتفى بمعرفة المخاطب ، فصار بمنزلة بعض الاسم ، ثم حذف المضاف إليه فوجب أن تبنيا ؛ لأن بعض الاسم مبني.
فإذا نكرا لحقهما الإعراب ؛ لأنهما لم يتضمنا معناهما مضافتين ، ولا عرف المخاطب معناهما مضافتين ، فلم يصيرا كبعض الاسم وبنيتا على الضم من بين الحركات ؛ لأن كل واحدة منهما لما كانت منصوبة ومخفوضة في حال الإضافة والتمكن ، أعطيت في حال البناء حركة لم تكن لها في حال التمكن وهي : الضمة.
وعلة ثانية : أن «قبل» و «بعد» قد حذف منهما المضاف إليه وضمنتا معناه ، فحركا أقوى الحركات وهي الضمة ليكون عوضا من الذاهب.
قوله : «والوقف : من ، وكم وقط وإذ»
أما «من» فهي اسم يستفهم بها عن ذوات من يعقل ، وهي متضمنة حرف الاستفهام ، فبنيت من أجل ذلك.
ـ وتقع في المجازاة موقع حرف الجزاء ، وهو «إن» فتبنى لوقوعها موقعه.
ـ وتقع بمعنى «الذي» لذوات من يعقل ، فتحتاج في هذا الموضع من الصلة إلى مثل ما احتاجت إليه «الذي» فهي بعض الاسم ، وبعض الاسم لا يكون إلا مبنيّا.
وأما «كم» فهي مبنية على السكون لتضمنها معنى الألف إذا كانت استفهاما. ومعنى «رب» إذا كانت خبرا ، وهي تقعد أبدا في صدر الكلام كما تقع الألف و «رب».