* أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا |
|
حنانيك بعض الشر أهون من بعض (١) |
اعلم أن التثنية في هذا الباب الغرض منها التكثير ، وأنه شيء يعود مرة بعد أخرى ، ولا يراد بالتثنية اثنان فقط.
والدليل على التكثير بلفظ التثنية أنك تقول : ادخلوا الأول فالأول ، وجاءني القوم رجلا ، ولا تحتاج إلى تكريره أكثر من مرة واحدة.
وهذا المثنى كله غير متصرف ، لا يكون إلا مصدرا منصوبا أو اسما في موضع الحال ، وإنما لم يتمكن ؛ لأنه دخله بالتثنية معنى التكثير لا معنى التثنية ، وخص بهذا دون غيره ، فلم يتصرفوا فيه ، وبعضه يوجد فيتصرف ؛ لأنه لم يدخله معنى غير الذي يوجبه اللفظ ، وهو أصل الاسم الموضوع.
قال الشاعر :
* فقالت حنان : ما أتى بك ههنا؟ |
|
أذو نسب أم أنت بالحي عارف |
فرفع لما أفرد.
وأما لبيك وسعديك فتثنية ، ولا يفرد واحد منهما لما ذكرته لك من معنى التكثير.
ولبيك مأخوذ من قولهم : ألبّ الرجل بالمكان إذا أقام به.
وسعديك مأخوذ من السعادة والمتابعة ، وقد فسر سيبويه معنيهما بما أغنى عن التفسير ههنا.
قال : «ومن ذلك قولهم : دواليك ، قال عبد بني الحسحاس» :
* إذا شق برد بالبرد مثله |
|
دواليك حتى ليس للبرد لابس (٢) |
وهذا من فعل العرب في الجاهلية ، إذا أراد الرجل أن يقعد مع امرأة شق كل واحد منهما ثوب الآخر ليؤكد المودة.
ودواليك مأخوذ من المداولة وهو في موضع الحال ، كأنه قال : فعلنا ذلك متداولين متعاقبين للفعل الذي فعلاه.
ومن التثنية : هذا ذيك : مأخوذ من هذّ يهذّ ومعناه السرعة في القراءة وفي الضرب وغيره.
قال الراجز :
* ضربا هذا ذيك وطعنا وخضا (٣)
__________________
(١) ديوانه ٤٨ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٤ ، الكامل ٢ / ١٩٩ ، المقتضب ٣ / ٢٢٤.
(٢) ديوان سحيم ١٦ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٥ ، مجالس ثعلب ١ / ١٣٠.
(٣) ديوان العجاج ٣٥ ، شرح الأعلم ١ / ١٧٥ ، مجالس ثعلب ١ / ١٣٠ ، شرح النحاس ١٥٢.