فقال له : تتركني وأنا أسأل النّاس بكفي.
فأنزل الله على رسوله في ذلك (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ). ثمّ قال الله : (وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ) [في علي] (١) (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢).
ثمّ قال رسول الله لعقيل : قد قتل الله ، يا أبا يزيد ، أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومنبّه ونبيه ، ابني الحجّاج ونوفل بن خويلد. وأسر سهيل بن عمرو والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط وفلان وفلان.
فقال عقيل : إذا لا تنازعوا في تهامة. فإن كنت قد أثخنت القوم ، وإلّا فاركب أكتافهم.
فتبسم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ من قوله.
وكان القتلى ببدر سبعين ، والأسرى سبعين. قتل منهم أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ سبعة وعشرين ، ولم يؤسر أحدا. فجمعوا الأسارى ، وقرنوهم في الحبال ، وساقوهم على أقدامهم ، وجمعوا الغنائم. وقتل من أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ تسعة رجال ، فيهم (٣) سعد بن خيثمة ، وكان من النّقباء. فرحل رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ونزل الأثيل عند غروب الشّمس ، وهو من بدر على ستّة أميال. فنظر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ إلى عقبة بن أبي معيط وإلى النضر بن الحارث بن كلدة ، وهما في قرآن (٤) واحد.
فقال النّضر لعقبة : يا عقبة أنا وأنت مقتولان.
قال عقبة : من بني (٥) قريش؟
قال : نعم. لأنّ محمّدا ـ صلّى الله عليه وآله ـ قد نظر إلينا نظرة ، رأيت فيها القتل.
فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : يا عليّ ، عليّ بالنّضر وعقبة.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) الأنفال / ٧٠ و ٧١.
(٣) المصدر : فمنهم.
(٤) المصدر : قرن. والقرن ـ محرّكة ـ الحبل يجمع به البعيران.
(٥) المصدر : بين.