المسجد أيّام خلافة عثمان : أنشدكم بالله (١) ، أتعلمون أنّي قلت لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في غزوة تبوك : لم خلّفتني [مع الصبيان والنساء] (٢)؟
فقال : إنّ المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك. وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟
قالوا : اللهم ، نعم.
وفي روضة الكافي (٣) ، خطبة لأمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ. وهي خطبة الوسيلة.
يقول ـ عليه السّلام ـ فيها بعد أن ذكر النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ : واختصّني بوصيّته ، واصطفاني بخلافته في أمّته. فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وقد حشده المهاجرون والأنصار وانعصّت بهم المحافل : أيّها النّاس ، إنّ عليّا منّي ، كهارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي. فعقل المؤمنون عن الله نطق الرّسول. إذ عرفوني أنّي لست بأخيه لأبيه وأمّه ، كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمّه. ولا كنت نبيّا ، فاقتضى نبوّة. ولكن كان ذلك منه استخلافا لي ، كما استخلف موسى هارون ـ عليه السّلام ـ حيث يقول : (اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).
(وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا) : لوقتنا الّذي وقّتناه.
و «اللّام» للاختصاص ، أي : اختصّ بميقاتنا.
(وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) : من غير وسط ، كما يكلّم الملائكة.
(قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) : بأن تمكّنني من رؤيتك. أو تتجلّى لي ، فأنظر إليك وأراك.
(قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ) : لمّا تجلّيت عليه.
(فَسَوْفَ تَرانِي) : استدراك ، يريد أن يبيّن به أنّه لا يطيقه.
واستدلّت الأشاعرة بهذه الآية على جواز الرّؤية من وجهين : الأوّل ، أنّ موسى طلب الرّؤية. وطلب المستحيل من الأنبياء محال ، خصوصا ما يقتضي الجهل بالله.
والثّاني ، أنّه ـ تعالى ـ علّق الرّؤية باستقرار الجبل ، وهو ممكن. والمعلّق على
__________________
(١) المصدر : الله.
(٢) من المصدر.
(٣) الكافي ٨ / ٢٦ ـ ٢٧.