الواجبة في أول الوقت بغير إذنه ، وفرقوا بينهما بما لا يخلو من نظر ، وعلى ما اخترناه فلا ضرورة إلى الفرق المذكور ، والمشهور بين الأصحاب أنه لو كان الفعل مندوبا فإن كان مما يتوقف على إذن الزوج كالحج والصوم فإن فعله بدون إذنه موجب لفساده ، ولكنه لا يوجب منع النفقة ، لأنه غير مانع من التمكين ، إلا أن تمنعه من الاستمتاع ، فيكون هو السبب في عدم وجوب النفقة لا نفس العبادة.
ونقل عن الشيخ أنه أسقط النفقة مع امتناعها من الإفطار ، وأورد عليه بأنه على إطلاقه مشكل ، فإن النشوز لا يتحقق بترك غير الاستمتاع فلا يتحقق بمخالفتها في ترك الأكل والشرب إذ لا يجب عليها إطاعته في ذلك ، إلا أن يقال : إن ترك الإفطار يقتضي الامتناع عن الوطء.
وفيه أن الموجب حينئذ إنما هو الامتناع من الوطء ، وعبارة الشيخ أعم لأنه رتب النشوز على المطالبة بالفطر فتمتنع.
وبالجملة فضعف القول المذكور ظاهر ، وإن كان مما لا يتوقف على إذنه جاز لها فعله بغير الإذن إلا أن يكون ذلك مانعا من الاستمتاع بأن يطلبه منها في ذلك الوقت فتجب عليها طاعته ، لأن المندوب لا يعارض الواجب ، ولو استمرت والحال هذه لم تستحق نفقة لتحقق النشوز ، بل يحكم ببطلان الفعل نظرا إلى النهي ، أو يصح وإن أثمت بالمخالفة ، وجهان مبنيان على أن الأمر بالشيء هل يستلزم النهي عن ضده الخاص أم لا؟ والأظهر عندي الثاني كما تقدم تحقيقه في غير موضع من الكتب المتقدمة.
السادسة : قال في الشرائع (١) : لو كانت مريضة أو رتقاء أو قرناء لم تسقط النفقة لإمكان الاستمتاع بما دون الوطء قبلا وظهور العذر فيه.
قال في المسالك (٢) : لما حكم بعدم وجوب الإنفاق على الصغيرة ، وإن مكنت
__________________
(١) شرائع الإسلام ص ٢٠٢.
(٢) مسالك الافهام ج ١ ص ٥٨٥.