كما في ما نحن فيه ، لأنه بعد صحة المهر عرض له البطلان بالتلف ، أما مع فساد المهر ابتداء من أول الأمر فلا إشكال في وجوب مهر المثل.
والمواضع التي نقلناها عن العلامة إنما هي من قبيل الثاني ، لا الأول ، وبذلك صرح الشيخ في المبسوط أيضا حيث قال ـ عقيب ما تقدم نقله عنه ـ : وأما المهر إذا كان فاسدا فإنه يوجب مهر المثل بلا شك ، والعلامة إنما ذكر مهر المثل بناء على أن المهر المذكور فاسد من أصله ، ولذلك ذكر مهر المثل.
بقي الكلام في أنه على تقدير الضمان بالقيمة إذا كان قيميا ، فالاعتبار بأي القيم ، هل هي قيمته وقت التلف؟ أو أعلى القيم من حين العقد إلى حين التلف؟ أو الأعلى من حين المطالبة إلى وقت التلف فيما إذا طالبته وامتنع من التسليم؟ (١) أقوال :
للأول أن العين ما دامت موجودة لا تجب القيمة قطعا ، وإنما ينتقل إليها مع تلف العين فيكون المعتبر فيها وقت الانتقال إليها ، ولا ينافي ذلك كون العين مضمونة عليه حينئذ ، لأن معنى ضمانها إنما هو بمعنى أنها لو تلفت لوجب الانتقال إلى البدل ، وهذا القول هو الذي صرح به المحقق في الشرائع والعلامة في الإرشاد ، قال في المسالك : وهو الأقوى. وفي القواعد اقتصر على القولين الأولين من غير ترجيح لشيء منها ، والظاهر أنه هو المشهور كما تقدم في كتاب البيع.
وعلل الثاني بأنه مضمون في جميع الأوقات ، ومن جملتها ضمان علو القيمة
__________________
(١) وهذا القول للشيخ في المبسوط ، وظاهره أنه مع عدم المطالبة فالقيمة يوم التلف ، قال في الكتاب المذكور : إذا كان المتلف الزوج أو أمرا سماويا ، فان كان مثليا كان لها مثله ، وان لم يكن له مثل فالقيمة ، فإن كانت قد طالبت به فمنعها فعليه أكثر ما كانت له قيمة من يوم المطالبة إلى يوم التلف لانه كالغاصب ، وان تلف في يده من غير مطالبة قيل : عليه قيمة يوم التلف ، وهو الأقوى ، وقيل : الأكثر ، لأنه كالغاصب إلا في الإثم ، انتهى.
(منه ـ قدسسره ـ).