لكن قال المحقق قدّس سرّه في المعارج : «قال الشيخ قدّس سرّه : إذا تساوت الروايتان في العدالة والعدد عمل بأبعدهما من قول العامة. والظاهر أن احتجاجه في ذلك برواية رويت عن الصادق عليه السّلام وهو إثبات لمسألة علمية بخبر واحد ، وما يخفى عليك ما فيه. مع أنه قد طعن فيه فضلاء من الشيعة ، كالمفيد وغيره».
وهو كما ترى! لاستفاضة النصوص بذلك بنحو يبعد احتمال عدم صدور شيء منها ، فهي أشبه بالمتواتر الإجمالي ، مع اعتضادها بما ذكرنا.
وكون المسألة علمية لا تثبت بخبر الواحد ، مبني على ما اشتهر من عدم ثبوت المسألة الأصولية بالأدلة الظنية ، وهو مختص بأصول الدين دون أصول الفقه.
وأما طعن المفيد فإن أراد به طعنه في التمسك بخبر الواحد في المسائل العلمية فقد عرفت حاله ، وإن أراد به طعنه في المرجح المذكور فلعله يشير إلى ما حكي عن رسالة العدد ، حيث قال بعد ذكر المرسل المتقدم في الترجيح بموافقة الكتاب : «وإنما المعنى في قولهم عليهم السّلام : خذوا بأبعدهما من قول العامة يختص ما روي عنهم في مدائح أعداء الله والترحم على خصماء الدين ومخالفي الإيمان ، فقالوا عليهم السّلام : إذا أتاكم عنا حديثان مختلفان أحدهما في قول (تولي. ظ) المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السّلام والآخر في التبري منهم ، فخذوا بأبعدهما من قول العامة ، لأن التقية تدعوهم بالضرورة إلى مظاهرة العامة بما يذهبون إليه من أئمتهم».
وهو كما ترى تكلف لا مجال لحمل النصوص عليه ، خصوصا المقبولة ، بل حتى المرسل ، لوضوح الاستغناء بالترجيح بموافقة الكتاب عن الترجيح بمخالفة العامة في المسألة المذكورة.
على أنه لو تم إرادة ذلك منها فإلغاء خصوصية موردها والتعدي إلى ما نحن فيه هو الأنسب بالجهة الارتكازية التي أشار إليها. فلا ينبغي التأمل في