بأوامري لعله يمتثلها.
وفيه : أنه لا إشكال في أن الحذر إنما هو من الأحكام الواقعية الشرعية ، وهو لا ينافي ظهور الآية في كون الإنذار طريقا شرعيا لمعرفتها وحجة عليها ، وليس المراد بالإنذار بالأحكام الشرعية الذي هو حجة الإخبار عنها ، وهو أمر وجداني لا يتوقف على صدقه ، ولو توقف وجوب الحذر على العلم بصدقه لغى جعل حجيته.
وأما المثال الذي ذكره فهو يفترق عن المقام بأن تكليف الامر للرسول بالتبليغ غير معلوم للمكلف ، فلا طريق له إلى إحراز حجية تبليغه ، فلا بد من تنزيله على صورة حصول العلم بالواقع منه ، بخلاف المقام ، فإن التكليف بالنفر والتفقه والإنذار والحذر عام لا يجهله أحد ، كما أشرنا إليه قريبا ، فيصلح لأن يكون بيانا على حجية الإنذار.
الرابع : ما ذكره هو أيضا على تفصيل لا مجال لاستقصائه ، وسبقه إليه في الفصول.
والأولى تقريبه : بأن التفقه والإنذار من وظيفة المفتي لا الراوي ، لأن التفقه في الدين عبارة عن معرفة أحكامه ، وهو لا يكون بمجرد تحمل الرواية وحفظها ، بل باستحصال الحكم منها ، لتمامية دلالتها وعدم المعارض لها ، كما أن الإنذار عبارة عن الإخبار مع التخويف ، وهو لا يكون بمجرد الإخبار بكلام الإمام ، بل بالإخبار بالتكليف المستلزم للعقاب.
نعم ، يظهر من رواية الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلام صدق التفقه والانذار بمجرد تحمل الرواية وروايتها ، لقوله عليه السّلام : «إنما امروا بالحج لعلة الوفادة إلى الله عزّ وجل ... مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة عليهم السّلام إلى كل صقع وناحية ، كما قال الله عزّ وجل : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ...)(١).
لكن الاعتماد عليها في الخروج عن ظاهر الآية راجع إلى الاستدلال
__________________
(١) الوسائل ج ٧ ، ٨ ، باب : ١ من أبواب وجوب الحج ، شرائطه ، حديث : ١٥.