فجعل التأكيد اللفظي بابا وحده ، والتأكيد المعنوي كذلك.
ومثال المقرر لأمر المتبوع في النسبة «جاء زيد نفسه» فإنه لو لا قولك «نفسه» لجوّز السامع كون الجائي خبره أو كتابه بدليل قوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ) [الفجر ، ٢٢] أي أمره.
ومثال المقرر لأمره في الشمول قوله عزوجل : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) [الحجر ، ٣٠] ؛ إذ لو لا التأكيد لجوّز السامع كون الساجد أكثرهم.
ويجب في المؤكّد كونه معرفة ، وشذّ قول عائشة رضياللهعنها : «ما صام رسول الله صلىاللهعليهوسلم شهرا كلّه إلا رمضان» وقول الشاعر :
٢٢٨ ـ لكنّه شاقه أن قيل ذا رجب |
|
يا ليت عدّة حول كلّه رجب |
______________________________________________________
٢٢٨ ـ هذا بيت من البسيط من كلمة لعبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي ، رواها ياقوت في معجم البلدان ، وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في مجالسه (ص ٤٧٤) وروى بعضها في تاريخ دمشق (انظر المختصر ٣ / ٤٠٨) وأول هذه الكلمة قوله :
يا للرّجال ليوم الأربعاء! أما |
|
ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا |
إذ لا يزال غزال فيه يفتنني |
|
يأتي إلى مسجد الأحزاب منتقبا |
وقافية بيت الشاهد في رواية الأدباء لهذه الكلمة منصوبة ، ولكن النحاة يروونها في بيت الشاهد وحده بالرفع ، وستعرف ما في ذلك.
اللّغة : «شاقه» أعجبه وأثار شوقه ، والشوق : نزاع نفس الإنسان إلى الشيء.
الإعراب : «لكنه» لكن : حرف استدراك ونصب وضمير الغائب اسمه ، «شاقه» شاق : فعل ماض ، وضمير الغائب مفعول به ، «أن» مصدرية ، «قيل» فعل ماض مبني للمجهول ، «ذا» اسم إشارة مبتدأ ، «رجب» خبر المبتدأ ، وجملة المبتدأ وخبره في محل رفع نائب فاعل قيل ، وأن مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل شاق ، وتقدير الكلام : لكنه أعجبه قول الناس هذا رجب ، «يا» حرف نداء والمنادى محذوف ، والتقدير : يا قوم ، أو يا هؤلاء ونحو ذلك ، «ليت» حرف تمن ونصب ، «عدة» اسم ليت ، وعدة مضاف و «حول» مضاف إليه ، «كله» كل : توكيد لحول ، وكل مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ، «رجب» خبر ليت مرفوع بالضمة الظاهرة على رواية النحاة ، أما رواية الأدباء فإن «رجبا» خبر ليت أيضا ، وأتى به منصوبا على لغة من ينصب بها الجزأين كما في ظاهر قول الراجز :