الشاهد في قوله «وتأتي مثله» فإنه ليس مفعولا معه وإن كان بعد واو بمعنى مع ـ أي : لا تنه عن خلق مع إتيانك مثله ـ لأنه ليس باسم.
ولا نحو قولك «بعتك الدار بأثاثها ، والعبد بثيابه» وقول الله سبحانه وتعالى : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) [المائدة ، ٦١] ، وقولك : جاء زيد مع عمرو ، فإن هذه الأسماء وإن كانت مصاحبة لما قبلها لكنها ليست بعد الواو ، ولا نحو قولك : مزجت عسلا وماء ، وقول الشاعر :
______________________________________________________
إذا ، أنت : ضمير منفصل مبتدأ ، «حكيم» خبر المبتدأ ، «فهناك» الفاء عاطفة ، وهنا : ظرف مكان متعلق بيسمع ، والكاف حرف خطاب ، «يسمع» فعل مضارع مبني للمجهول ، «ما» اسم موصول نائب فاعل يسمع ، مبني على السكون في محل رفع ، «تقول» فعل مضارع ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ؛ والجملة لا محل لها صلة الموصول ، والرابط ضمير منصوب بتقول محذوف ، والتقدير : يسمع ما تقوله ، «ويشتفى» الواو عاطفة ، يشتفى : فعل مضارع مبني للمجهول ، «بالقول» جار ومجرور متعلق بيشتفى ؛ وهو نائب فاعله ، «منك» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من القول ، «وينفع» الواو عاطفة ، ينفع : فعل مضارع ، «التعليم» فاعله ، «لا» ناهية ، «تنه» فعل مضارع مجزوم بلا ، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «عن خلق» جار ومجرور متعلق بتنهى ، و «تأتي» الواو بمعنى مع ، تأتي : فعل مضارع منصوب بأن المصدرية المضمرة بعد واو المعية ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، «مثله» مثل : مفعول به لتأتي ، ومثل مضاف وضمير الغائب العائد إلى خلق مضاف إليه ، «عار» مبتدأ ، «عليك» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ، «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط ، «فعلت» فعل وفاعل ، والجملة في محل جر بإضافة إذا إليها ، «عظيم» نعت لعار ، وهو الذي سوغ الابتداء به ، ويجوز أن يكون «عار» خبرا لمبتدأ محذوف والتقدير : هذا عار عظيم عليك ، واسم الإشارة حينئذ يعود إلى النهي عن خلق والإتيان بمثله المفهوم من قوله «لا تنه عن خلق وتأتي مثله» ولكن الوجه الذي ذكرناه أولا أولى ، وجواب إذا محذوف يدل عليه سابق الكلام ، والتقدير : إذا فعلت فإنه عار عظيم عليك.
الشّاهد فيه : قوله «وتأتي» فإن هذه الكلمة التي هي تأتي مسبوقة بواو دالة على المعية ، ومع ذلك لا يجوز أن تسمى مفعولا معه ؛ لأنها فعل وليست باسم ، ولا يجوز عند جمهور النحاة أن يسمى الاسم المؤول من أن والفعل مفعولا معه ، لأنهم يشترطون في المفعول معه أن يكون اسما صريحا ، كما سبق لنا بيانه في مطلع الكلام على المفعول معه.