المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أنواع العذاب والخزي والنكال على الكفار ، قابل ذلك للعظة والعبرة بأحوال المؤمنين في الآخرة ، وبيّن ما لهم من أنواع السعادة والكرامة ، فتتضاعف حسرة الكافر ، وتتزايد غمومه وهمومه ، وهذا من جنس العذاب الروحاني.
ثم وبّخ الله تعالى الكفار وهددهم بزوال نعم الدنيا في وقت قصير ، وتعرضهم للآفات العظيمة في الآخرة ، ثم ذكرهم بتقصيرهم في طاعة الله ، وإهمالهم فريضة الصلاة ، وتركهم الإيمان بالقرآن الذي لا جدوى من الإيمان بغيره من الكتب السماوية الأخرى التي بادت وتبدلت ونسخت.
والخلاصة : تضمنت هذه الآيات ثلاثة أنواع أخرى من تخويف الكفار وتعذيبهم.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات ، وترك المحرمات ، وعن أحوالهم يوم القيامة ، فيقول :
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي يكون المتقون في الآخرة في جنات وظلال وارفة تحت الأشجار والقصور ، وتحيط بهم العيون الجارية والأنهار المتدفقة ، بخلاف ما يكون فيه الكفار الأشقياء من ظل اليحموم وهو الدخان الأسود المنتن ، والنار المستعرة بهم.
ونظير الآية : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) [يس ٣٦ / ٥٦].
(وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) أي ولديهم أنواع من الفواكه والثمار ، مما تطلبه