٩ ـ وعد الله بالجنة المؤمنين الذين اجتنبوا عبادة الأوثان والشياطين الذي زين لهم تلك العبادة ، والذين أنابوا إلى الله ، أي رجعوا بالكلية إلى عبادته وطاعته.
وهؤلاء فعلا هم الذين انتفعوا بعقولهم ، وهم الذين ميّزوا بين الحق والباطل ، وبين الحسن والقبيح ، ففهموا أوامر الله ، واتبعوا كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وآله وسلم.
١٠ ـ الهداية بيد الله تعالى وحده ، لذا خاطب الله رسوله صلي الله عليه وآله وسلم مسليا له : أفأنت تنقذ من النار من حقت عليه كلمة العذاب؟ ويلاحظ أن الهداية والضلال من خلق الله تعالى وإيجاده ، كخلق جميع أعمال الإنسان ، أما تحصيلهما واكتسابهما واختيارهما فمن العبد ، قال تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف ١٨ / ١٧].
١١ ـ لما بيّن الله تعالى أن للكفار ظللا من النار من فوقهم ومن تحتهم ، بيّن أن للمتقين غرفا فوقها غرف ، أي علالي مرتفعة فوقها علالي مبنية كبناء منازل الأرض ، لأن الجنة درجات يعلو بعضها بعضا ، وللنار دركات بعضها أسفل من بعض.
والجنة مزدانة بأبهى أنواع الجمال ، فهي تجري من تحت غرفها الأنهار ، أي هي جامعة لأسباب النزهة ، وقد وعد الله بها عباده الأتقياء وعدا محققا كائنا لا شك فيه ، كما أوعد الكافرين بالنار ، وإن الله لا يخلف الميعاد الذي وعد به الفريقين.