الكهانة والشعر ، فليس القرآن الكريم من جنس ما تتلقاه الكهنة عن الشياطين ، وليس هو من الشعر في شيء ، كما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس كاهنا ولا شاعرا.
أما الفرية الأولى فوصفها تعالى ثم ردّ عليها فقال :
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ)؟ أي هل أخبركم خبرا حقيقيا ، نافعا لكم في قاموس المعرفة والعلم ، على من تنزل عليه الشياطين من الكهان ونحوهم من الكذبة الفسقة؟
وكان للكهانة تأثير كبير عند العرب في الجاهلية ، ولكهانهم مركز مهم ، لقطع النزاع ، وفض المشكلات من الأمور ، مثل هند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان ، وفاطمة الخثعمية.
وهذه الآيات رد على من زعم من المشركين أن ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوسلم ليس بحق ، وأنه شيء افتعله من تلقاء نفسه ، أو أنه أتاه به رئيّ من الجن ، أي مسّ ، وبيان قاطع بأن ما جاء به هذا الرسول صلىاللهعليهوسلم إنما هو من عند الله ، وأنه تنزيله ووحيه ، نزل به ملك كريم ، أمين عظيم ، وأنه ليس من قبل الشياطين ، والجواب من وجهين :
١ ـ (تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) أي إن الشياطين تنزل على كل كذوب ، فاجر فاسق في أفعاله ، من الكهنة المتنبئة ، مثل شقّ بن رهم ، وسطيح بن ربيعة ، ومسيلمة وطليحة ، ومن الكفار الذين يدعون إلى طاعة الشيطان ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم كان يدعو إلى لعن الشيطان والبراءة عنه. وأما الكهنة فالغالب عليهم الكذب ، ومحمد صلىاللهعليهوسلم فيما أخبر عنه من المغيبات لم يظهر عليه إلا الصدق.
٢ ـ (يُلْقُونَ السَّمْعَ ، وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ) أي يصغي الكهنة الأفاكون سمعهم إلى الشياطين ، فيلقون وحيهم الزائف إليهم ، ويتلقفون منهم ما أكثره كذب