الإمام الشافعي رحمهالله تعالى : «الحمد لله الذي لا يؤدّى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها».
(إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) أي إن الإنسان يظلم النعمة بإغفال شكرها ، شديد الكفران لها ، والمراد بالإنسان هنا الجنس ، فلا يراد به الواحد ، بل يراد به الجمع ، أي توجد فيه هذه الخلال ، وهي الظلم والكفر ، يظلم النعمة بإغفال شكرها ، ويكفرها بجحدها.
ويلاحظ أنه تعالى قال هنا : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) وقال في سورة النحل [١٨] : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها ، إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) والفرق بين الخاتمتين : أن الكلام هنا مناسب لتعداد قبائح الإنسان من كفران النعمة والظلم الذي هو الشرك ، وأما في سورة النحل فيناسب ما ذكر في الآية من تعداد فضائل الله على الإنسان ، ومنها اتصافه بالمغفرة والرحمة ، تحريضا على الرجوع إليه (١).
وقال الرازي عن الفرق بين الآيتين : كأنه تعالى يقول : إذا حصلت النعم الكثيرة ، فأنت الذي أخذتها ، وأنا الذي أعطيتها ، فحصل لك عند أخذها وصفان : وهما كونك ظلوما كفارا ، ولي وصفان عند إعطائها ، وهما كوني غفورا رحيما. والمقصود كأنه يقول : إن كنت ظلوما فأنا غفور ، وإن كنت كفارا فأنا رحيم ، أعلم عجزك وقصورك ، فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوفير ، ولا أجازي جفاء إلا بالوفاء (٢).
__________________
(١) البحر المحيط : ٥ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩
(٢) تفسير الرازي : ١٩ / ١٣٠ ـ ١٣١