فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيات على ما يأتي :
١ ـ إن دعاء موسى وهارون كدعاء نوح عليهمالسلام لم يكن إلا بعد اليأس من إيمان القوم ، بعد طول العهد من النّبي موسى بالدّعوة إلى الدّين الحقّ ، وملازمة قومه حال الكفر وإصرارهم عليه ، وبعد نفاد الصّبر منه.
وكل ذلك لم يتم إلا بعد إذن من الله ؛ لأن مهمة الرّسل استدعاء إيمان قومهم ، ولا يجوز أن يدعو نبي على قومه إلا بإذن من الله ، وإعلام أنه ليس فيهم من يؤمن ، ولا يخرج من أصلابهم من يؤمن ؛ بدليل قوله تعالى لنوح عليهالسلام : (وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) [هود ١١ / ٣٦] ، وعند ذلك قال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) [نوح ٧١ / ٢٦].
٢ ـ احتجّ بهذه الآية من يقول : إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها ؛ لأن موسى دعا ، وهارون أمّن.
والتأمين على الدّعاء : أن يقول : آمين ، فقولك : آمين دعاء ، أي يا ربّ استجب لي.
٣ ـ إن إجابة الدّعوات لها أوقات مخصوصة في علم الله وتقديره ، وليس ذلك بحسب مراد العبد الدّاعي ، وإنما بحسب مراد الله تعالى ، وإن تعجّل الإجابة جهل لا يليق مع الأدب مع الله تعالى ، وهو أيضا شكّ في الثّقة بوعد الله تعالى بإجابة دعاء الداعي إذا دعاه ، لهذا قال تعالى لموسى وهارون عليهماالسلام : (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما ، وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أي لا تسلكا طريق من لا يعلم حقيقة وعدي ووعيدي.