الله وحقيقته ، فلا بدّ لهم من إعطاء الأمان ، لسماع القرآن ، وفهم الحقّ ، ليعلموا ، ولا يبقى لهم معذرة.
المناسبة :
بعد أن أوجب الله تعالى قتال المشركين بعد مهلة الأمان التي هي أربعة أشهر حرم ، لنقضهم العهود ، أبان تعالى أن المطالبة بالإسلام أو القتل لا يعني عدم تمكين المشركين من سماع أدلّة الإيمان ، فلو طلب أحد من المشركين الدّليل والحجّة ، أو جاء طالبا استماع القرآن ، فإنه يجب إمهاله ، ويحرم قتله ، ويجب إيصاله إلى مأمنه ، ليكون على بيّنة وعلم من أمره.
التّفسير والبيان :
بالرّغم من نزول آية السّيف الشّديدة الوطأة على مشركي العرب ، ونظرا لأن الإسلام يحرص على نشر دعوته بالوسائل السلمية ، وبالإقناع والحجة والبرهان ، وأنه ليس الهدف من تشريع الجهاد سفك الدّماء ، وإنما المهم الوصول إلى الإيمان وترك الجحود ، وقبول الدّين والإقرار بالتّوحيد ، بالرّغم من كلّ ذلك وتقديرا لأسباب مشروعية القتال ، وتأكيد الحرص على السّلام ، أرشد الله المؤمنين إلى وجوب قبول الأمان ومنحه لمن استأمن المسلم من المشركين.
والمعنى : وإن جاءك أحد من المشركين الذين نقضوا العهد بعد انقضاء مهلة السياحة في الأرض بحرية مطلقة وهي الأشهر الأربعة ، يطلب الأمان ليسمع كلام الله ويتدبّره ، ويفهم حقيقة الدّين والأمر ، فيجب تأمينه وحمايته حتى يصل إلى غايته ، ويحرم قتله والتّعدّي عليه.
ومتى أراد العودة لبلاده يجب منحه الأمان حتى يصل إلى وطنه الذي يأمن فيه أو داره وبلاده ومأمنه ، ثم قاتله بعدئذ إن شئت من غير غدر ولا خيانة.