(وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ ...) أي قال المتبوعون للأتباع : إذا كنا قد أضللناكم ، فليس لكم فضل علينا ، فقد ضللتم كما ضللنا ، فنحن وأنتم سواء في استحقاق الضعف ، أي قد كفرتم وفعلتم كما فعلنا ، فليس تستحقون تخفيفا من العذاب.
فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون ، أي تلقوا عذاب الله بما تسببتم به من الكفر والضلال. وهذا من قول القادة ، أو من قول الله لهم جميعا. وهو مثل قوله تعالى : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ. قالُوا : إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ. قالُوا : بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ ، بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ. فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا : إِنَّا لَذائِقُونَ. فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ. فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الصّافات ٣٧ / ٢٧ ـ ٣٣]. والمقصود من قوله : (فَذُوقُوا الْعَذابَ) التّخويف والزّجر ، لأنه تعالى لما أخبر عن الرؤساء والأتباع أن بعضهم يتبرأ من بعض ، ويلعن بعضهم بعضا ، كان ذلك سببا لوقوع الخوف الشديد في القلب.
فقه الحياة أو الأحكام :
أيّ ظلم أشنع من الافتراء على الله تعالى بالتّحليل والتّحريم من غير حكم الله ، والتّكذيب بآيات الله قولا أو استهزاء أو استكبارا عن اتّباعها؟!
وبالرغم من هذا فإنّ هؤلاء المكذّبين ينالهم ما كتب لهم من رزق وعمر وعمل ، وما وعدوا به من خير وشرّ.
ومعنى : ما كتب لهم في اختيار الطّبري ، وهو المروي عن ابن زيد وابن عباس وابن جبير : ما قدر لهم من خير وشرّ ورزق وعمل وأجل.
والمقرر أن السّادة والأتباع في الكفر سواء ، يدخلون النّار ، ويضاعف لهم العذاب ، إما بالإضلال وهو فعل السّادة ، أو بالتّقليد وإهمال العقل ، وهو فعل