لمالك بحضرة الرشيد : إن الحبس لا يجوز ، فقال له مالك : هذه الأحباس أحباس رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بخيبر وفدك وأحباس أصحابه.
وأما قول شريح : «لا حبس عن فرائض الله» فليس الوقف حبسا عن الفرائض ، قال الطبري : الصدقة التي يمضيها المتصدق في حياته ، على ما أذن الله به على لسان نبيه ، وعمل به الأئمة الراشدون رضياللهعنهم ، ليس من الحبس عن فرائض الله ، ولا حجة في قول شريح ، ولا في قول أحد يخالف السنة ، وعمل الصحابة الذين هم الحجة على جميع الخلق.
والمجيزون للوقف لا يجيزون أن ينتفع الواقف بوقفه ؛ لأنه أخرجه لله وقطعه عن ملكه ، فانتفاعه بشيء منه رجوع في صدقته ؛ وإنما يجوز له الانتفاع إن شرط ذلك في الوقف ، أو افتقر هو أو ورثته ، فيجوز لهم الأكل منه كسائر الفقراء.
وهل حق التصرف في منافع الموقوف للواقف أو لغيره؟ قال الشافعي وأبو يوسف : يحرم على الواقف ملكه ، إلا أنه يجوز له أن يتولى صدقته ، فيفرّقها ويوزعها بين المستحقين ؛ لأن عمر رضياللهعنه لم يزل يلي صدقته ، حتى قبضه الله عزوجل ، وكذلك علي وفاطمة كانا يليان صدقاتهما.
وقال مالك : لا يتم الوقف حتى يتولاه غير الواقف ، فيقبضه ويتصرف بمنافعه من كراء وقسمة بين المساكين المستحقين ، ما عدا الخيل والسلاح.