للزوم أخذ أهل الحق أحكامهم من أئمتهم وأصحابهم الذين على نهجهم ـ قد بدأ في عصر الصادقين عليهما السّلام أو قريبا منه ، وقبل ذلك كان الأمر مختلطا على المسلمين بجميع فرقهم ، فلا امتياز لفقه كل فرقة عن فقه غيرها.
ثم لما تنبه الشيعة للاختلاف ووسّع الأئمة عليهم السّلام الكلام وبدءوا يرجعون إليهم في فقههم ابتلوا بأسباب الاختفاء والالتباس ، حيث كثر اختلاف الأحاديث من جهة التقية والخطأ والكذب ، حتى تضمنت بعض النصوص أنهم عليهم السّلام بصدد إحداث الخلاف بين الشيعة محافظة عليهم حتى لا يتميزوا بقول فيأخذوا به.
وكان صدور الروايات منهم عليهم السّلام تدريجيا تبعا لتنبه السائل أو حاجته الشخصية غالبا ، ولم يكن وصولها لجميع الشيعة متيسرا ، بل كانت تصل تدريجيا لأشخاصهم. وذلك بطبعه مستلزم لاطلاع أفراد الشيعة بوجه شايع على خطأ ما وصل إليهم وجروا عليه في مقام العمل ـ في الصدر الأول قبل رجوعهم لأئمتهم عليهم السّلام وبعده ـ على اختلاف أسباب اطلاعهم على ذلك من سؤالهم عليهم السّلام مباشرة أو بسماع الأحاديث المروية عنهم أو بالاستفتاء ممن يتصدى للفتوى من أصحابهم المنتشرين تدريجا في أقطار الأرض ، كما تشير إلى بعضه النصوص.
فلو كان البناء مع ذلك على عدم الإجزاء بعد ظهور الخطأ لزم الهرج والمرج وكثر الوقوع في العسر والحرج ، ولكان شيوع الابتلاء به مستلزما لظهوره المانع لهم عادة من الركون الى النصوص وفتاوى الأصحاب ، بل فتاوى الأئمة عليهم السّلام أنفسهم بسبب احتمال التقية فيها أو عدم فهمها ، لأن لزوم مثل هذه المشكلة ينبه للاحتمالات المغفول عنها بدوا ، ويرفع الوثوق الطبيعي.
وبذلك يضطرب نظامهم ويرتبك أمر الفقه عليهم. ولو كان الأمر على ذلك لظهر وبان ، وكثر السؤال عن حكم الأعمال الماضية ولزوم تداركها ، وما