الثاني ـ الحكم بالعدل بين الناس.
والخطاب في الحكمين كما أوضحت للولاة والأمراء والحكام ، ويدخل معهم جميع الخلق. قال صلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم والنسائي عن عبد الله بن عمرو : «إن المقسطين يوم القيامة على منابر من نور ، عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين : الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولوا» وقال أيضا : «كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع على أهله وهو مسئول عنهم ، والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة عنه ، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه ، ألا فكلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته» (١). فجعل النبي في هذه الأحاديث الصحيحة كلّ هؤلاء رعاة وحكّاما على مراتبهم ، وكذلك العالم الحاكم ؛ لأنه إذا أفتى ، حكم وقضى ، وفصل بين الحلال والحرام ، والفرض والندب ، والصحة والفساد ، فجميع ذلك أمانة تؤدى ، وحكم يقضى.
والله تعالى سميع وبصير ، يسمع ويرى ، كما قال تعالى : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) [طه ٢٠ / ٤٦] يسمع الأحكام الصادرة فيجازي بها ، ويبصر وقائع أداء الأمانات وخيانتها ، فيحاسب عليها.
ولما أمر الله الولاة والحكام بأداء الأمانات والحكم بين الناس بالعدل ، أمر الرعية بطاعته عزوجل أولا بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ثم بطاعة رسوله ثانيا فيما أمر به ونهى عنه ، ثم بطاعة الأمراء ثالثا ، لكن تجب طاعة الأمراء أو السلطان فيما فيه طاعة ، ولا تجب فيما كان لله فيه معصية. روي عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه أنه قال : حق على الإمام أن يحكم بالعدل ، ويؤدي الأمانة ، فإذا فعل ذلك ، وجب على المسلمين أن يطيعوه ؛ لأن الله تعالى أمرنا بأداء الأمانة والعدل ، ثم أمر بطاعته.
__________________
(١) رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي عن ابن عمر.