وهل يجبر الرجل على قبول الخلع؟
جميع الفقهاء يرون أنه لا يجبر الرجل على قبول الخلع ، فلا بد فيه من التراضي بين الطرفين ، لقوله تعالى : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [النساء ٤ / ١٩] وقوله تعالى : (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة ٢ / ٢٢٩] وحملوا الفاحشة في الآية على الزنا.
وقال ابن رشد : والفقه أن الفداء إنما جعل للمرأة في مقابلة ما بيد الرجل من الطلاق ، فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك (أبغض) المرأة ، جعل الخلع بيد المرأة إذا فركت الرجل(١).
وأما أهلية الخلع : فكل من يصح طلاقه يصح خلعه ، فيصح الخلع عند الجمهور من البالغ العاقل ، رشيدا أو سفيها. وأجاز الحنابلة : أن يكون مميزا يعقله. أما من لا يصح طلاقه ولا يصح خلعه فهو كالصبي والمجنون والمعتوه ومن اختل عقله لمرض أو كبر سن.
وللرشيدة (٢) أن تخالع عن نفسها في رأي الجمهور ، أما السفيهة فلا تخالع لأنها محجورة. ويصح الخلع من الحاكم ولي غير المكلف من صبي أو مجنون إذا كان في الخلع مصلحة. ولم يجز أبو حنيفة والشافعي وأحمد للأب خلع زوجة ابنه الصغير والمجنون ولا طلاقها. وقال مالك : يخالع الأب على ابنه الصغير وابنته الصغيرة ، لأنه في رأيه يطلّق على الابن ، ويزوج الصغيرة. وأما الطلاق بعد الخلع في العدة : بأن خالع الرجل زوجته ، ثم طلقها ، وهي في العدة ، فيلحقها في رأي الحنفية ، ولا يلزمها في رأي الجمهور (مالك والشافعي وأحمد).
__________________
(١) بداية المجتهد : ٢ / ٨١
(٢) الرشد عند الحنفية : صلاح المال ولو كان فاسقا ، وعند الشافعية : صلاح الدين والمال ، فلا يكون الفاسق رشيدا.