المقام الأول : في ما يكون بالإضافة إلى نفس الحكم.
وقد أصرّ شيخنا الأعظم (قدس سره) في تعقيب حجة القول السابع من أقوال الاستصحاب على كونه منتزعا من جعل الحكم على النحو الخاص ، من دون أن يكون مجعولا مستقلا في قباله ، ولا تابعا في الجعل له ، فضلا عن أن يكون هو المجعول الأصلي ويكون الحكم تابعا له. وحكى عن شرح الزبدة نسبة ذلك للمشهور ، وعن شرح الوافية للسيد صدر الدين أنه الذي استقر عليه رأي المحققين.
مستدلا عليه بالوجدان ، لأن الحاكم لا يجد من نفسه جعل أمر غير الحكم ، ولا يراد من بيان هذه الامور لو وقعت في لسان الحاكم أو من يحكي عنه إلا بيان نحو جعل الحكم ، من دون أن يقصد بيان جعلها.
نعم ، لا يراد بذلك اتحادهما مفهوما ، إذ لا ريب في أنهما محمولان مختلفان الموضوع.
لكن حكي عن بعضهم البناء على كون السببية مجعولة ، منهم المحقق الأعرجي في شرح الوافية ، مدعيا بداهة اختلاف التكليف عن الوضع وعدم رجوع أحدهما للآخر ، وإن كانا متلازمين في مقام الجعل فيكون جعل أحدهما مستلزما لجعل الآخر ، قال بعد بيان ذلك : «فقول الشارع : دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة ، والحيض مانع منها ، خطاب وضعي وإن استتبع تكليفا ، وهو إيجاب الصلاة عند الزوال ، وتحريمها عند الحيض ، كما أن قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(١) و «دعي الصلاة أيام اقرائك»
__________________
(١) سورة الإسراء : ٧٨.