بالاستقرار في قوله : (هُوَ فِي شَأْنٍ) ، وقدم على ما فيه متعلّقه للاهتمام بإفادة تكرر ذلك ودوامه. والمعنى : في شأن من شئون من في السماوات والأرض من استجابة سؤل ، ومن زيادة ، ومن حرمان ، ومن تأخير الاستجابة ، ومن تعويض عن المسئول بثواب ، كما ورد في أحاديث الدعاء أن استجابته تكون مختلفة ، وتقدم عند قوله تعالى : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر : ٦٠].
ومعنى (فِي) على هذا التفسير تقوية ثبوت الشئون لله تعالى وهي شئون تصرّفه ومظاهر قدرته ، كما قال الحسين بن الفضل النيسابوري : «شئون يبديها لا شئون يبتديها».
و (يَوْمٍ) مستعمل مجازا في الوقت بعلاقة الإطلاق ، إذ المعنى : كل وقت من الأوقات ولو لحظة ، وليس المراد باليوم الوقت الخاص الذي يمتد من الفجر إلى الغروب.
وإطلاق اليوم ونحوه على مطلق الزمان كثير في كلام العرب كقولهم : الدهر يومان يوم نعم ويوم بؤس ، وقال عمرو بن كلثوم :
وإنّ غدا وإن اليوم رهن |
|
وبعد غد لما لا تعلمين |
أراد الزمان المستقبل والحاضر والمستقبل البعيد وإلا فأي فرق بين غد وبعد غد.
والشأن : الشيء العظيم والحدث المهم من مخلوقات وأعمال من السماوات والأرض ، وفي الحديث «أنه تعالى كل يوم يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع أقواما ويضع آخرين» ، وهو تعالى يأمر وينهي ويحيي ويميت ويعطي ويمنع ونحو ذلك وإذا كان في تصرفه كل شأن فما هو أقل من الشأن أولى بكونه من تصرفه.
والظرفية المستعملة فيها حرف (فِي) ظرفية مجازية مستعارة لشدة التلبس والتعلق بتصرفات الله تعالى بمنزلة إحاطة الظرف بالمظروف أو بأسئلة المخلوقات الذين في السماء والأرض.
والمعنى : أنه تعالى كل يوم تتعلق قدرته بأمور يبرزها ويتعلق أمره التكويني بأمور من إيجاد وإعدام.
ومن أحاسن الكلم في تفسير هذه الآية قول الحسين بن الفضل (١) لما سأله عبد
__________________
(١) تقدمت ترجمته عند تفسير قوله تعالى : خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ [الرحمن : ١٤].