مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٣ ـ ١٧].
وترتيبه دخول الجنة على عمل الصالحات معناه : من عمل صالحا ولم يعمل سيئة بقرينة مقابلته بقوله : (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) ، فإن خلط المؤمن عملا صالحا وسيئا فالمقاصة ، وبيانه في تفاصيل الشريعة.
وقوله : (بِغَيْرِ حِسابٍ) كناية على سعة الرزق ووفرته كما تقدم عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) في سورة آل عمران [٣٧].
و (مَنْ) في قوله : (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً) إلخ شرطية ، وجوابها (فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ). وجيء باسم الإشارة للتنبيه على أن المشار إليه يستحق ما سيذكر بعد اسم الإشارة من أجل ما ذكر قبل اسم الإشارة من الأوصاف ، وهي عمل الصالحات مع الإيمان زيادة على استفادة ذلك من تعليقه على الجملة الشرطية. وتقديم المسند إليه على المسند الفعلي في جملة جواب الشرط لإفادة الحصر. والمعنى : أنكم إن متم على الشرك والعمل السيّئ لا تدخلونها.
وقوله : (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) بيان لما في (مَنْ) من الإبهام من جانب احتمال التعميم فلفظ (ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) مراد به عموم الناس بذكر صنفيهم تنصيصا على إرادة العموم ، وليس المقصود به إفادة مساواة الأنثى للذكر في الجزاء على الأعمال إذ لا مناسبة له في هذا المقام ، وتعريضا بفرعون وخاصته أنهم غير مفلتين من الجزاء.
وقرأ الجمهور (يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ) بفتح الياء. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم بضمها وفتح الخاء ، والمعنى واحد.
[٤١ ـ ٤٣] (وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٤٣))
أعاد نداءهم وعطفت حكايته بواو العطف للإشارة إلى أن نداءه اشتمل على ما يقتضي في لغتهم أن الكلام قد تخطى من غرض إلى غرض وأنه سيطرق ما يغاير أول كلامه مغايرة ما تشبه مغايرة المتعاطفين في لغة العرب ، وأنه سيرتقي باستدراجهم في درج