لدلالة القرينة عليه.
(أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢))
عطف على جملة (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر : ٤٩] فبعد أن وصف أكثرهم بانتفاء العلم بأن الرحمة لهم فتنة وابتلاء ، عطف عليه إنكار علمهم انتفاء علمهم بذلك وإهمالهم النظر في الأدلّة المفيدة للعلم وصمهم آذانهم عن الآيات التي تذكّرهم بذلك
حتى بقوا في جهالة مركّبة وكان الشأن أن يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، أي يعطي الخير من يشاء ، ويمنع من يشاء.
فالاستفهام إنكار عليهم في انتفاء علمهم بذلك لأنهم تسببوا في انتفاء العلم ، فالإنكار عليهم يتضمن توبيخا. واقتصر في الإنكار على إنكار انتفاء العلم بأن بسط الرزق وقدره من فعل الله تعالى لأنه أدنى لمشاهدتهم أحوال قومهم فكم من كادّ غير مرزوق وكم من آخر يجيئه الرزق من حيث لا يحتسب.
وجعل في ذلك آيات كثيرة لأن اختلاف أحوال الرزق الدالة على أن التصرف بيد الله تعالى ينبئ عن بقية الأحوال فتحصل في ذلك آيات كثيرة دالة على انفراد الله تعالى بالتصرف في نفس الأمر. وجعلت الآيات لقوم يؤمنون لأن المؤمنين قد علموا ذلك وتخلقوا به ولم تكن فيه آيات للمشركين الغافلين عنه.
(قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣))
أطنبت آيات الوعيد بأفنانها السابقة إطنابا يبلغ من نفوس سامعيها أيّ مبلغ من الرعب والخوف ، على رغم تظاهرهم بقلة الاهتمام بها. وقد يبلغ بهم وقعها مبلغ اليأس من سعي ينجيهم من وعيدها ، فأعقبها الله ببعث الرجاء في نفوسهم للخروج إلى ساحل النجاة إذا أرادوها على عادة هذا الكتاب المجيد من مداواة النفوس بمزيج الترغيب والترهيب.
والكلام استئناف بياني لأن الزواجر السابقة تثير في نفوس المواجهين بها خاطر التساؤل عن مسالك النجاة فتتلاحم فيها الخواطر الملكية والخواطر الشيطانية إلى أن يرسي