وأما ما رواه الترمذي عن عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سملة قال : لما نزلت على النبي : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) في بيت أم سلمة دعا فاطمة وحسنا وحسينا فجلّلهم بكساء وعليّ خلف ظهره ثم قال : «اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا». وقال : هو حديث غريب من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة ولم يسمه الترمذي بصحة ولا حسن ، ووسمه بالغرابة. وفي «صحيح مسلم» عن عائشة : خرج رسول الله غداة وعليه مرط مرحّل فجاء الحسن فأدخله ، ثم جاء الحسين فأدخله ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). وهذا أصرح من حديث الترمذي.
فمحمله أن النبي صلىاللهعليهوسلم ألحق أهل الكساء بحكم هذه الآية وجعلهم أهل بيته كما ألحق المدينة بمكة في حكم الحرمية بقوله : «إن إبراهيم حرّم مكة وإني أحرّم ما بين لابتيها». وتأوّل البيت على معنييه الحقيقي والمجازي يصدق ببيت النسب كما يقولون : فيهم البيت والعدد ، ويكون هذا من حمل القرآن على جميع محامله غير المتعارضة كما أشرنا إليه في المقدمة التاسعة. وكأنّ حكمة تجليلهم معه بالكساء تقوية استعارة البيت بالنسبة إليهم تقريبا لصورة البيت بقدر الإمكان في ذلك الوقت ليكون الكساء بمنزلة البيت ووجود النبيصلىاللهعليهوسلم معهم في الكساء كما هو في حديث مسلم تحقيق لكون ذلك الكساء منسوبا إليه ، وبهذا يتضح أن أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم هن آل بيته بصريح الآية ، وأن فاطمة وابنيها وزوجها مجعولون أهل بيته بدعائه أو بتأويل الآية على محاملها. ولذلك هم أهل بيته بدليل السنة ، وكل أولئك قد أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، بعضه بالجعل الإلهي ، وبعضه بالجعل النبوي ، ومثله قوله النبي صلىاللهعليهوسلم : «سلمان منّا أهل البيت». وقد استوعب ابن كثير روايات كثيرة من هذا الخبر مقتضية أن أهل البيت يشمل فاطمة وعليّا وحسنا وحسينا. وليس فيها أن هذه الآية نزلت فيهم إلا حديثا واحدا نسبه ابن كثير إلى الطبري ولم يوجد في تفسيره عن أم سلمة أنها ذكر عندها علي بن أبي طالب فقالت : فيه نزلت : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) وذكرت خبر تجليله مع فاطمة وابنيه بكساء (وذكر مصحّح طبعة «تفسير ابن كثير» أن في متن ذلك الحديث اختلافا في جميع النسخ ولم يفصله المصحّح).
وقد تلقّف الشيعة حديث الكساء فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة