أي : من نكاح أو من زنا ، وقال النابغة :
لئن كان للقبرين قبر بجلق |
|
وقبر بصيداء الذي عند حارب |
أي : من أبناء صاحبي القبرين. وقال علقمة بن عبد يمدح الملك الحارث :
فلست لإنسي ولكن لملاك |
|
تنزل من جو السماء يصوب |
وفي حديث أبي قتادة : «صلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حاملا أمامة ابنة بنته زينب ولأبي العاص بن ربيعة» فكانت اللام مغنية عن أن يقول وابنة أبي العاص.
وضمير (هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) عائد إلى المصدر المفهوم من فعل (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) أي : الدعاء للآباء. وجملة (هُوَ أَقْسَطُ) استئناف بياني كأنّ سائلا قال : لما ذا لا ندعوهم للذين تبنوهم؟ فأجيب ببيان أن ذلك القسط فاسم التفضيل مسلوب المفاضلة ، أي : هو قسط كامل وغيره جور على الآباء الحق والأدعياء ، لأن فيه إضاعة أنسابهم الحق.
والغرض من هذا الاستئناف تقرير ما دل عليه قوله (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ ذلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) [الأحزاب : ٤] لتعلم عناية الله تعالى بإبطال أحكام الجاهلية في التبنّي ، ولتطمئن نفوس المسلمين من المتبنين والأدعياء ومن يتعلق بهم بقبول هذا التشريع الذي يشق عليهم إذ ينزع منهم إلفا ألفوه.
ولهذا المعنى الدقيق فرع عليه قوله : (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ) ، فجمع فيه تأكيدا للتشريع بعدم التساهل في بقاء ما كانوا عليه بعذر أنهم لا يعلمون آباء بعض الأدعياء ، وتأنيسا للناس أن يعتاضوا عن ذلك الانتساب المكذوب اتصالا حقا لا يفوت به ما في الانتساب القديم من الصلة ، ويتجافى به عما فيه من المفسدة فصاروا يدعون سالما متبنى أبي حذيفة : سالما مولى أبي حذيفة ، وغيره ، ولم يشذ عن ذلك إلا قول الناس للمقداد بن عمرو : المقداد بن الأسود ، نسبة للأسود بن عبد يغوث الذي كان قد تبنّاه في الجاهلية كما تقدم.
قال القرطبي : لما نزلت هذه الآية قال المقداد : أنا المقداد بن عمرو ، ومع ذلك بقي الإطلاق عليه ولم يسمع فيمن مضى من عصّى مطلق ذلك عليه ولو كان متعمدا ا ه. وفي قول القرطبي : ولو كان متعمدا ، نظر ، إذ لا تمكن معرفة تعمد من يطلق ذلك عليه. ولعله جرى على ألسنة الناس المقداد بن الأسود فكان داخلا في قوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) لأن ما جرى على الألسنة مظنة النسيان ، والمؤاخذة بالنسيان مرفوعة.