٤٥]. وفي معناه قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) [سورة الأعراف : ٩٨].
وتفريع (فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) اعتراض ، أي لا يمنعهم من أخذه إيّاهم تقلّبهم شيء إذ لا يعجزه اجتماعهم وتعاونهم.
و (فِي) للظرفية المجازية ، أي الملابسة ، وهي حال من الضمير المنصوب في (يَأْخُذَهُمْ).
والتخوّف في اللغة يأتي مصدر تخوّف القاصر بمعنى خاف ومصدر تخوّف المتعدّي بمعنى تنقّص ، وهذا الثاني لغة هذيل ، وهي من اللغات الفصيحة التي جاء بها القرآن.
فللآية معنيان : إما أن يكون المعنى يأخذهم وهم في حالة توقّع نزول العذاب بأن يريهم مقدماته مثل الرعد قبل الصّواعق ، وإما أن يكون المعنى يأخذهم وهم في حالة تنقّص من قبل أن يتنقّصهم قبل الأخذ بأن يكثر فيهم الموتان والفقر والقحط.
وحرف (عَلى) مستعمل في التمكّن على كلا المعنيين ، ومحل المجرور حال من ضمير النصب في (يَأْخُذَهُمْ) وهو كقولهم : أخذه على غرّة.
روى الزمخشري وابن عطية يزيد أحدهما على الآخر : أن عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ خفي عليه معنى التخوّف في هذه الآية وأراد أن يكتب إلى الأمصار ، وأنه سأل الناس وهو على المنبر : ما تقولون فيها؟ فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا. التخوّف : التنقّص. قال : فهل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ قال : نعم ، قال شاعرنا :
تخوّف الرحل منها تامكا قردا |
|
كما تخوّف عود النبعة السفن (١) |
__________________
(١) قلت : نسب في «الكشاف» هذا البيت إلى زهير وكذلك في الأساس وليس زهير بهذلي. ونسبه صاحب «اللسان» إلى ابن مقبل وليس ابن مقبل بهذلي وكيف وقد قال الشيخ الهذلي لعمر قال شاعرنا فهو هذلي ووقع في «تفسير البيضاوي» أن الشيخ الهذلي أجاب عمر بقوله نعم : «قال شاعرنا أبو كبير وقال الخفاجي البيت من قصيدة له مذكورة في شعر هذيل فنسبة البيت إلى أبي كبير أثبت ، وهذا البيت في وصف راحلة أثر الرحل في سنامها فتنقص من وبره. والتامك : بكسر الميم السنام المشرف. والقرد بكسر الراء المتلبد الوبر ، والنبعة قصبة شجر النبع تتخذ منه القسي. والسفن بالتحريك البرد.