مخرجيهما وأدغمت في الدال ونقلت حركة التاء إلى الهاء الساكنة (ولا أهمية إلى قراءة قالون عن نافع إلى قراءة أبي عمرو بجعل فتح الهاء مختلسا بين الفتح والسكون لأن ذلك من وجوه الأداء فلا يعد خلافا في القراءة).
وقرأ حفص عن عاصم ، ويعقوب ـ بفتح الياء وكسر الهاء وتشديد الدال ـ على اعتبار طرح حركة التاء المدغمة واختلاف كسرة على الهاء على أصل التخلص من التقاء الساكنين. وقرأ أبو بكر عن عاصم ـ بكسر الباء وكسر الهاء ـ بإتباع كسرة الياء لكسرة الهاء. وقرأ حمزة والكسائي وخلف ـ بفتح الياء وسكون الهاء وتخفيف الدال ـ على أنه مضارع هدى القاصر بمعنى اهتدى ، كما يقال : شرى بمعنى اشترى.
والاستثناء في قوله : (إِلَّا أَنْ يُهْدى) تهكم من تأكيد الشيء بما يشبه ضده. وأريد بالهدي النقل من موضع إلى موضع أي لا تهتدي إلى مكان إلا إذا نقلها الناس ووضعوها في المكان الذي يريدونه لها ، فيكون النقل من مكان إلى آخر شبه بالسير فشبه المنقول بالسائر على طريقة المكنية ، ورمز إلى ذلك بما هو من لوازم السير وهو الهداية في (لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى).
وجوز بعض المفسرين أن يكون فعل (إِلَّا أَنْ يُهْدى) بمعنى إهداء العروس ، أي نقلها من بيت أهلها إلى بيت زوجها ، فيقال : هديت إلى زوجها.
وجملة : (فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) تفريع استفهام تعجيبي على اتباعهم من لا يهتدي بحال. واتباعهم هو عبادتهم إياهم.
(فَما) استفهامية مبتدأ ، و (لَكُمْ) خبر ، واللام للاختصاص. والمعنى : أي شيء ثبت لكم فاتبعتم من لا يهتدي بنفسه نقلا من مكان إلى مكان.
وقوله العرب : ما لك؟ ونحوه استفهام يعامل معاملة الاستفهام في حقيقته ومجازه. وفي الحديث أن رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم دلني على عمل يدخلني الجنة ، فقال الناس : «ما له! ما له!» فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أرب ما له». فإذا كان المستفهم عنه حالا ظاهرة لم يحتج إلى ذكر شيء بعد (ما له) كما وقع في الحديث.
وجعل الزجاج هذه الآية منه فقال : (فَما لَكُمْ) : كلام تام ، أي شيء لكم في عبادة الأوثان.
قال ابن عطية : ووقف القراء (فَما لَكُمْ) ثم يبدأ (كَيْفَ تَحْكُمُونَ).