ذكرها عند قوله تعالى : (فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) في سورة البقرة [٢٤٨].
والتأييد : التقوية والنصر ، وهو مشتقّ من اسم اليد ، وقد تقدّم عند قوله تعالى (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) في سورة البقرة [٨٧].
والجنود : جمع جند بمعنى الجيش ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ) في سورة البقرة [٢٤٩] ، وتقدّم آنفا في هذه السورة.
ثم جوز أن تكون جملة (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ) معطوفة على جملة (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) عطف تفسير فيكون المراد بالجنود الملائكة الذين ألقوا الحيرة في نفوس المشركين فصرفوهم عن استقصاء البحث عن النبي صلىاللهعليهوسلم وإكثار الطلب وراءه والترصّد له في الطرق المؤدّية والسبل الموصلة ، لا سيما ومن الظاهر أنّه قصد يثرب مهاجر أصحابه ، ومدينة أنصاره ، فكان سهلا عليهم أن يرصدوا له طرق الوصول إلى المدينة.
ويحتمل أن تكون معطوفة على جملة (أَخْرَجَهُ) والتقدير : وإذ أيده بجنود لم تروها أي بالملائكة ، ويوم بدر ، ويوم الأحزاب ، ويوم حنين ، كما مر في قوله : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) [التوبة : ٢٦].
(والكلمة) أصلها اللفظة من الكلام ، ثم أطلقت على الأمر والشأن ونحو ذلك من كلّ ما يتحدّث به الناس ويخبر المرء به عن نفسه من شأنه ، قال تعالى : (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ) [الزخرف : ٢٨] (أي أبقى التبري من الأصنام والتوحيد لله شأن عقبه وشعارهم) وقال (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) [البقرة : ١٢٤] أي بأشياء من التكاليف كذبح ولده ، واختتانه ، وقال لمريم (إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) [آل عمران : ٤٥] أي بأمر عجيب ، أو بولد عجيب ، وقال وتمت كلمات (رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) [الأنعام : ١١٥] أي أحكامه ووعوده ومنه قولهم : لا تفرق بين كلمة المسلمين ، أي بين أمرهم واتّفاقهم ، وجمع الله كلمة المسلمين ، فكلمة الذين كفروا شأنهم وكيدهم وما دبروه من أنواع المكر.
ومعنى السفلى الحقيرة لأنّ السفل يكنّى به عن الحقارة ، وعكسه قوله : (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) فهي الدين وشأن رسوله والمؤمنين ، وأشعر قوله : (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى) أنّ أمر المشركين كان بمظنّة القوة والشدّة لأنّهم أصحاب عدد كثير وفيهم أهل الرأي والذكاء ، ولكنّهم لمّا شاقوا الله ورسوله خذلهم الله وقلب حالهم من علوّ إلى سفل.
وجملة (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) مستأنفة بمنزلة التذييل للكلام لأنّه لمّا أخبر عن كلمة