الجمهور : بتشديد الياء ، وابن كثير : بتخفيفها. وقد استعير الضيّق لضدّ ما استعير له الشّرح فأريد به الّذي لا يستعدّ لقبول الإيمان ولا تسكن نفسه إليه ، بحيث يكون مضطرب البال إذا عرض عليه الإسلام ، وهذا كقوله تعالى : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) وتقدّم في سورة النّساء [٩٠].
والحرج ـ بكسر الراء ـ صفة مشبّهة من قولهم : حرج الشّيء حرجا ، من باب فرح ، بمعنى ضاق ضيقا شديدا ، فهو كقولهم : دنف ، وقمن ، وفرق ، وحذر ، وكذلك قرأه نافع ، وعاصم في رواية أبي بكر ، وأبو جعفر ، وأمّا الباقون فقرأوه ـ بفتح الراء ـ على صيغة المصدر ، فهو من الوصف بالمصدر للمبالغة ، فهو كقولهم : رجل دنف ـ بفتح النّون ـ وفرد ـ بفتح الراء ـ.
واتباع الضيّق بالحرج : لتأكيد معنى الضيق ، لأنّ في الحرج من معنى شدّة الضّيق ما ليس في ضيق. والمعنى يجعل صدره غير متّسع لقبول الإسلام ، بقرينة مقابلته بقوله : (يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ). وزاد حالة المضلّل عن الإسلام تبيينا بالتّمثيل ، فقال : (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ). قرأه الجمهور : (يَصَّعَّدُ) ـ بتشديد الصاد وتشديد العين ـ على أنّه يتفعّل من الصعود ، أي بتكلّف الصعود ، فقلبت تاء التفعّل صادا لأنّ التاء شبيهة بحروف الإطباق ، فلذلك تقلب طاء بعد حروف الإطباق في الافتعال قلبا مطّردا ثمّ تدغم تارة في مماثلها أو مقاربها ، وقد تقلب فيما يشابه الافتعال إذا أريد التّخفيف بالإدغام ، فتدغم في أحد أحرف الإطباق ، كما هنا ، فإنّه أريد تخفيف أحد الحروف الثّلاثة المتحرّكة المتوالية من (يتصعّد) ، فسكنت التاء ثمّ أدغمت في الصّاد إدغام المقارب للتخفيف. وقرأه ابن كثير : (يَصَّعَّدُ) ـ بسكون الصّاد وفتح العين ، مخفّفا. وقرأه أبو بكر ، عن عاصم : يصاعد ـ بتشديد الصّاد بعدها ألف ـ وأصله يتصاعد.
وجملة (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ) في موضع الحال من ضمير : (صَدْرَهُ) أو من صدره ، مثّل حال المشرك حين يدعى إلى الإسلام أو حين يخلو بنفسه ، فيتأمل في دعوة الإسلام ، بحال الصّاعد ، فإنّ الصّاعد يضيق تنفّسه في الصّعود ، وهذا تمثيل هيئة معقولة بهيئة متخيّلة ، لأنّ الصّعود في السّماء غير واقع.
والسّماء يجوز أن يكون بمعناه المتعارف ، ويجوز أن يكون السّماء أطلق على الجوّ الّذي يعلو الأرض. قال أبو عليّ الفارسي : «لا يكون السّماء المظلة للأرض ، ولكن كما