ومن آثامها ما قرره الأطباء المتأخرون أنها تورث المدمنين عليها أضرارا في الكبد والرئتين والقلب وضعفا في النّسل ، وقد انفرد الإسلام عن جميع الشرائع بتحريمها ، لأجل ما فيها من المضار في المروءة حرمها بعض العرب على أنفسهم في الجاهلية ، فممن حرمها على نفسه في الجاهلية قيس بن عاصم المنقري بسبب أنه شرب يوما حتى سكر فجذب ابنته وتناول ثوبها ، ورأى القمر فتكلم معه كلاما ، فلما أخبر بذلك حين صحا آلى لا يذوق خمرا ما عاش وقال :
رأيت الخمر صالحة وفيها |
|
خصال تفسد الرجل الحليما |
فلا والله أشربها صحيحا |
|
ولا أشفى بها أبدا سقيما |
ولا أعطي بها ثمنا حياتي |
|
ولا أدعو لها أبدا نديما |
فإنّ الخمر تفضح شاربيها |
|
وتجنيهم بها الأمر العظيما |
وفي «أمالي القالي» نسبة البيتين الأولين لصفوان بن أمية ، ومنهم عامر بن الظّرب العدواني ، ومنهم عفيف بن معد يكرب الكندي عم الأشعث بن قيس ، وصفوان بن أمية الكناني ، وأسلوم البالي ، وسويد بن عدي الطائي ، (وأدرك الإسلام) وأسد بن كرز القسري البجلي الذي كان يلقب في الجاهلية برب بجيلة ، وعثمان بن عفان ، وأبو بكر الصديق ، وعباس بن مرداس ، وعثمان بن مظعون ، وأمية بن أبي الصلت ، وعبد الله بن جدعان.
وأما المنافع فمنها منافع بدنية وهي ما تكسبه من قوة بدن الضعيف في بعض الأحوال وما فيها من منافع التجارة فقد كانت تجارة الطائف واليمن من الخمر ، وفيها منافع من اللذة والطرب ، قال طرفة :
ولو لا ثلاث هنّ من عيشة الفتى |
|
وجدك لم أحفل متى قام عوّدي |
فمنهن سبقي العاذلات بشربة |
|
كميت متى ما تعل بالماء تزبد |
وذهب بعض علمائنا إلى أن المنافع مالية فقط فرارا من الاعتراف بمنافع بدنية للخمر وهو جحود للموجود ومن العجيب أن بعضهم زعم أن في الخمر منافع بدنية ولكنها بالتحريم زالت.
وذكر في هذه الآية الميسر عطفا على الخمر ومخبرا عنهما بأخبار متحدة فما قيل في مقتضى هذه الآية من تحريم الخمر أو من التنزيه عن شربها يقال مثله في الميسر ، وقد بان أن الميسر قرين الخمر في التمكن من نفوس العرب يومئذ وهو أكبر لهو يلهون به ، وكثيرا