وأبو نصاح شيبة بن نصاح ، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السّلمي ، وإسماعيل بن جعفر بن كثير الأنصاري ، وقد اتفق هؤلاء الأربعة على عدد وهو المسمى بالعدد الأول ، ثم خالفهم إسماعيل بن جعفر بعدد انفرد به وهو الذي يقال له العدد الثاني ، وقد رأيت هذا ينسب إلى أيوب بن المتوكل البصري المتوفى سنة ٢٠٠.
ولأهل مكة عدد واحد ، وربما اتفقوا في عدد آي السورة المعينة ، وربما اختلفوا ، وقد يوجد اختلاف تارة في مصاحف الكوفة والبصرة والشام ، كما نجد في «تفسير المهدوي» وفي كتب علوم القرآن ، ولذلك تجد المفسرين يقولون في بعض السور عدد آياتها في المصحف الفلاني كذا. وقد كان عدد آي السور معروفا في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم. وروى محمد بن السائب عن ابن عباس أنه لما نزلت آخر آية وهي قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) [البقرة : ٢٨١] الآية قال جبريل للنبي صلىاللهعليهوسلم ضعها في رأس ثمانين ومائتين من سورة البقرة ، واستمر العمل بعدّ الآي في عصر الصحابة ، ففي «صحيح البخاري» عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام [١٤٠] : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ) الآية.
ترتيب الآي
وأما ترتيب الآي بعضها عقب بعض فهو بتوقيف من النبي صلىاللهعليهوسلم حسب نزول الوحي ، ومن المعلوم أن القرآن نزل منجّما آيات فربما نزلت عدة آيات متتابعة أو سورة كاملة ، كما سيأتي قريبا ، وذلك الترتيب مما يدخل في وجوه إعجازه من بداعة أسلوبه كما سيأتي في المقدمة العاشرة ، فلذلك كان ترتيب آيات السورة الواحدة على ما بلغتنا عليه متعينا بحيث لو غيّر عنه إلى ترتيب آخر لنزل عن حد الإعجاز الذي امتاز به ، فلم تختلف قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم في ترتيب آي السور على نحو ما هو في المصحف الذي بأيدي المسلمين اليوم ، وهو ما استقرت عليه رواية الحافظ من الصحابة عن العرضات الأخيرة التي كان يقرأ بها النبي صلىاللهعليهوسلم في أواخر سني حياته الشريفة ، وحسبك أن زيد بن ثابت حين كتب المصحف لأبي بكر لم يخالف في ترتيب آي القرآن.
وعلى ترتيب قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم في الصلوات الجهرية وفي عديد المناسبات حفظ القرآن كلّ من حفظه كلا أو بعضا ، وليس لهم معتمد في ذلك إلا ما عرفوا به من قوة الحوافظ ، ولم يكونوا يعتمدون على الكتابة ، وإنما كان كتّاب الوحي يكتبون ما أنزل من