طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ ) [ الأعراف «٧» الآية : ٢٠١ ].
وأشعروا قلوبكم خوف الله ، وتذكّروا ما قد وعدكم الله في مرجعكم إليه من حسن ثوابه ، كما قد خوّفكم من شديد العقاب ، فإنه من خاف شيئا حذره ، ومن حذر شيئا تركه.
ولا تكونوا من الغافلين ، المائلين الى زهرة الدنيا ، الذين مكروا السيئات ، فإن الله يقول في محكم كتابه : ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ) [ النحل (١٦) الآيات ٤٥ ـ ٤٧ ].
فاحذروا ما حذّركم الله ، بما فعل بالظلمة ، في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظاملين في الكتاب.
والله ، لقد وعظكم الله في كتابه بغيركم ، فإن السعيد من وُعِظَ بغيره.
ولقد أسمعكم الله في كتابه ما قد فعل بالقوم الظامين من أهل القرى قبلكم ، حيث يقول : ( وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً ) وإنّما عنى بالقرية أهلها ، حيث يقول : ( وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ) فقال عز وجل : ( فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ) يعني يهربون ، قال : ( لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) فلما أتاهم العذاب ( قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ ) [ الانبياء «٢١» الآيات « ١١ ـ ١٥» ].
وايمّ الله ، إن هذه عظة لكم وتخويف ، إن اتّعظتم وخفتم.
ثم رجع القول من الله في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال الله عز وجل : ( وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) [ الأنبياء «٢١» الآية «٤٦» ].
فإن قلتم ـ أيها الناس ـ : إن الله عز وجل إنّما عنى بهذا أهل الشرك؟
فكيف ذاك؟ وهو يقول : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) [ الأنبياء «٢١» الآية «٤٧» ]؟!
إعملوا ـ عباد الله ـ إن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين ،