لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو صمَتَ فسلم ».
وليس لك أن تسمع ما شئت ، لانّ الله يقول : [ الإسراء : ٣٦ ] : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) (١).
وبهذا يحذّر الإمام عليهالسلام الأمة من الجلوس مع المزوّرين والظالمين ، ومن التحدّث والكلام معهم ، أو صرف العمر معهم في حديث الجهالات والخرافات ، وما لا يزيد الإنسان معرفة بحياته أو قوّة وتركيزا في عقيدته وإيمانه ، أو تعديلا في سلوكه وأخلاقه ، بل لا تعدو لغو السمر ، والشعر الساقط ، وأحاديث الفكاهة والمجون ، التي كان يروّجها السلاطين وأمراء السوء.
وهو عليهالسلام في الوقت نفسه يحيي بهذا الاسلوب سنن الاستدلال بآيات القرآن الكريم ، والاعتماد عليه وعلى سنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اللذين دأب الظالمون على إبعاد الأمة عنهما ، وإماتتهما ، وإبادتهما بالإحراق بالنار ، والإماثة في الماء ، والدفن تحت الأرض ، ومنع التدوين.
كما حذّر الأمة من الارتباط بمن لا يدعو الى الله والحقّ ، ومن الاستماع إليهم ، وهم دعاة السوء ، وأدعياء العلم ، من علماء البلاط ، الذين ركنوا الى الظالمين وآزروهم.
وقد كان عليهالسلام يدأب على تربية الأمة وتهذيبها ، وتقديم الإرشادات إليها ، وتجلّى ذلك في وصاياه المأثورة التي جمعت بين معالم الهداية والحكمة ، ووسائل الحذر والوقاية ، وبثّ الأمل والقوة ، وبعث النشاط والهمّة في نفوس أصحابه :
ففي رسالته إليهم يقول عليهالسلام :
بسم الله الرحمن الرحيم
كفانا الله وإيّاكم كيد الظالمين ، وبغي الحاسدين ، وبطش الجبّارين.
أيّها المؤمنون ، لا يفتنكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا ، المائلون إليها ، المفتنون بها ، المقبلون عليها ، وعلى حطامها الهامد ، وهشيمها البائد غدا.
__________________
(١) علل الشرائع ، للصدوق ( ص ٥ ـ ٦٠٦ ) الحديث (٨٠) وانظر بحار الأنوار ( ١ : ١٠١ ) طبع الحجر.