أين نعلم خلوّ
توثيقاته من أعمال الحدس ، فمثلا : من أين نعلم أنّ الشّيخ لم يقبل قول النقلة
المجهولين في بيان التّوثيقات اعتمادا على أصالة العدالة ، كما نسبت إليه فيما سبق؟
ومن أين نفهم أنّه
لم يوثّق الّذين روي عنهم ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي؟
وقد صرّح في محكي
عدّته بأنّ هؤلآء الثّلاثة لا يرون ولا يرسلون إلّا عمّن يثقون به ، فالشيخ يعامل
مع من روي عنهم هؤلاء الثلاثة وغيرهم ، معاملة الثقات اعتقادا منه بأنّ رواية أحد
هؤلآء عن شخص بمنزلة قوله في حقّه أنّه ثقة ، فلا منافاة بين توثيق الشّيخ لمثل
هذا الرّاوي وبين قوله السّابق في الفهرست والعدّة أصلا.
ومن أين نعتقد أنّ
الشّيخ لم يقبل قول المعدلين والموثّقين المجهولين في توثيقاتهم ، أو قول ناقلي
التوثيقات المجهولين بواسطة القرائن الحدسية؟
فإن قلت : سلّمنا
ذلك ، لكن يدور الأمر في وثاقة كلّ راو بين كونها حسيّة أو حدسيّة ، وبناء العقلاء
في ذلك على حملها على الأوّل.
قلت : نعم ، لولا
العلم الإجمالي بوجود توثيقات ناشئة عن الحدس استنادا إلى تصريح نفس الشّيخ ، كما
أشرنا إليه ويأتي
مفصّلا.
على أنّ النقض
بمثل مرسلات الصّدوق وغيره فيما إذا قالوا : قال الصّادق عليهالسلام كذا باق بحاله ، إذا الفاضل المتدين ـ فضلا عن مثل الأعاظم
ورؤساء المذهب كالكليني والمفيد ، والشّيخ والصّدوق والصفار ومن يحذو حذوهم ـ كيف
ينسب قولا إلى الصّادق وهو يعلم بعدم صحّة النسبة أو يشك في صحتها؟
فلا بدّ من البناء
على صحّة المرسلات مع أنّهم لا يقبلون مطلق المرسلات.
__________________