خاتمة الكلام
قد ثبت لحد الآن
عدم قطعية الرّوايات الموجودة في الكتب المتداولة ، وأنّ الأدلّة الّتي ذكروها غير
لائقة لإفادة اليقين ، وإن كان القاطعون منها في عذر ؛ لأنّ طريقية القطع ذاتيّة
ووجوده وجداني وحجيّته لا تقبل الإنكار ، وعلى كلّ حال لم يثبت دليل على حجيّة
جميع تلك الإخبار.
بل هناك شواهد
يمكن أن يستدلّ بها الاصوليّون على عدم كونها مقطوعة ، أو موثوقا بها ، وبالتالي
لا يكون جميعها حجّة ، وأنّه لا بدّ لبيان حجيّة بعض أقسامها من تحقيق وتفصيل
وتقسيم.
فمنها قول الشّيخ
الطّوسي في العدّة : ... إجماع الفرقة المحقّة على العمل بهذه الإخبار بالتي رووها
في تصانيفهم ، ودوّنوها في أصولهم ، لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعونه ، حتّى إنّ
واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه ، سألوا من أين قلت هذا؟ فإذا أحالهم إلى
كتاب معروف أو أصل مشهور ، وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا ....
يدلّ هذا الكلام
على عدم قطعيّة الاصول والتصانيف ، وأنّ شرط قبول الرّوايات الموجودة فيها وثاقة
راويها لا غير ، وهذا يهدم أكثر ما بناه المحدّثون.
ومنها
: إنّه لو كان
روايات الكافي كلّها معتبرة ؛ لما احتاج الشّيخ الصدوق إلى تأليف كتاب يرجع إليه
ويعتمد عليه ، إجابة لطلب السيّد نعمة الله ، فإنّ له أن يحيله على كتاب الكافي
الّذي هو أوسع من كتابه من لا يحضره الفقيه ، لكنّه رأى نفسه محتاجة إلى تأليفه ،
بل احتاج إلى تعريض به ، كما قال : ولم أقصد فيه قصد المصنّفين من إيراد جميع ما
رووه ، بل قصدت إلى إيراد ما أفتى به ، وأحكم بصحته ، وأعتقد أنّه حجّة فيما بيني
وبين ربّي.
من هؤلآء
المصنّفون يا ترى؟
أليس هذا الكلام
صريحا ، أو ظاهرا في أن مطالب المصنّفات ـ أي : مصنّف كان ـ ليست بأجمعها معتبرة ،
حتّى عند مصنّفيها ، افتونا يا أيّها المحدّثون؟
__________________