والحقّ أنّ التّصحيح (١) كالتعديل في الإشكال ؛ وأمّا التّوثيق ، فهو عندنا سالم عن النقض والإيراد ، كما ستعرف في البحث التّاسع والعشرين.
١٣. رواية ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى والبزنطي عن أحد فيكون ثقة ، كما صرّح به الشّيخ رحمهالله في كتاب العدّة (٢) ، ودليله عليه أنّه علم من حالهم أنّهم لا يرسلون ولا يروون إلّا عمّن يثقون بهم.
أقول : يأتي مناقشة هذا القول المدعي عليه الإجماع ونقده في البحث (١١) ، والبحث (٣٨) ان شاء الله.
١٤. وقوع شخص في سند رواية رواها أصحاب الإجماع المذكورين في رجال الكشي (٣) فقيل بصحّة كلّ حديث رواه أحد هؤلآء إذا صحّ السند إليه ، ولو كانت روايته عن ضعيف ، فضلا عمّا إذا كانت عن مجهول أو مهمل.
وظاهر هذا القول لزوم قبول روايته في خصوص المورد ، فلو وقع هذا الضعيف ـ أو المجهول في رواية ليس في سندها أحد أصحاب الإجماع لا يقبل روايته.
وقيل بوثاقة كلّ من روي عنه أحد أصحاب الإجماع وهذا هو المقصود بالمقام.
أقول : وهذا كسابقه في الضعف ويأتي تفصيله في البحث الحادي عشر.
١٥. توصيف أحد بأنّه عالم أو فاضل ، أو فقيه أو محدّث أو نحو ذلك ، فإنّه مدح مدرج له في الحسان.
أقول : النسبة بين هذه الأمور والصدق عموم من وجه ، وليس بينهما علاقة لزومية ، كما يظهر من تراجم بعض الرّواة أيضا.
__________________
(١) يقول الشّهيد الثاني رحمهالله : وكذا قوله : (هو صحيح الحديث) فإنّه يقتضي كونه ثقة ضابطا معه زيادة تزكية.
انظر : الدراية : ٧٦.
أقول : سيأتي في البحث الحادي عشر أنّ المحدّث النوري رحمهالله استفاد منه ما هو أعظم من ذلك بمراتب ، والانصاف إنّه لا يدلّ على الحسن أيضا ؛ لأن صحّة الحديث كما تتحقّق بوثاقة الرّاوي تتحقّق بمطابقة مضمونه مع القواعد أو ساير الرّوايات أو بقرينة خارجيّة.
نعم ، إذا علم ـ ولو بقرينة المقام أو ظهور الكلام ، كما في كلام العلّامة رحمهالله وأمثاله ـ إنّ المراد بتصحيح الخبر هو توثيق رواته ، فلا إشكال فيه من هذه الجهة ، ونسلّمه وإنّ التصحيح أمارة على التوثيق.
(٢) انظر : العدّة : ١ / ٣٧٩ و ٣٨٠.
(٣) رجال الكشي : ٢٠٦ ، ٣٣٢ ، ٤٦٦.