وبالجملة آحاد مجامع الإمكان وذوات
عوالم الإمكان ، بقضّهام وقضيضها وصغيرها وكبيرها ثابتاتها وبايداتها حاليّاتها
وأنياتها.
وإذا الجميع زقّة زقّة وزمرة زمرة ،
بحشدهم
قاطبة معاً ، مولون وجوه مهيّاتهم شطر بابه سبحانه ، شاخصون بأبصار أنياتهم تلقاء
جنابه جلّ سلطانه من حيث هم لا يعلمون ، وهم جميعاً بألسنة فقر ذواتهم الفاقرة
وألسن فاقة هويّاتهم الهالكة في ضجيج الضراعة وصراخ الإبتهال ذاكروه وداعوه ومستصرخوه
ومنادوه بـ«يا غني يا مغني» من حيث لا يشعرون.
فطفقت في تينك الضجّة العقليّة والصرخة
الغيبيّة أخرّ مغشيّاً عليّ ، وكدت من شدّة الوله والدهش أنسى جوهر ذاتي العاقلة ،
وأغيب عن بصر نفسي المجرّدة ، واُهاجر ساهرة أرض الكون ، وأخرج عن صقع قطر الوجود
رأساً ، إذ قد ودعتني تلك الخلسة شيقاً حنوناً إليها ، وخلفتني تلك الخطفة الخاطفة
تائقاً لهوفاً عليها ، فرجعت إلى أرض التبار ، كورة البوار ، وبقعة الزور ، وقرية
الغرور تارة اُخرى.
وقال نوّر الله مرقده : ومن لطائف ما
اختطفته من الفيوض الربّانيّة بمنّه سبحانه ، وفضله جلّ سلطانه ، حيث كنت بمدينة
الإيمان حرم أهل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قم المحروسة ، صينت عن دواهي
الدهر ونوائبها ، في بعض أيّام شهر الله الأعظم لعام الحادي عشر بعد الألف من
الهجرة المباركة المقدّسة النبويّة ، أنّه قد غشيني ذات يوم سنة شبه خلسة وأنا
جالس في تعقيب صلاة العصر تاجه تجاه القبلة.
فأريت في سنتي نوراً شعشعانيّاً على
أبهة صوانيّة في شبح هيكل إنساني مضطجع على يمينه ، وآخر كذلك على هيأة عظيمة ،
ومهابة كبيرة في بهاء ضوء لامع ، وجلاء نور ساطع جالساً من وراء ظهر المضطجع ،
وكأنّي أنا دار من نفسي أو أدراني أحد غيري أنّ المضطجع
__________________