أقول : ولا ريب ان ظاهر النهى هو التحريم ، ولا يبعد القول بذلك في الفردين الآخرين ايضا ، لظاهر الخبرين المتقدمين ، مع عدم المعارض.
(ومنها) استحباب المماكسة ، إلا في مواضع مخصوصة.
ويدل على ذلك ما رواه في الكافي عن الحسن بن على عن رجل يسمى سوادة ، قال : كنا جماعة بمنى فعزت علينا الأضاحي ، فنظرنا فإذا أبو عبد الله عليهالسلام واقف على قطيع ، يساوم بغنم ويماكسهم مكاسا شديدا ، فوقفنا ننظر ، فلما فرغ اقبل علينا ، فقال : أظنكم قد تعجبتم من مكاسي! فقلنا : نعم. فقال : ان المغبون لا محمود ولا مأجور. الحديث (١).
وعن الحسين بن يزيد قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول ـ وقد قال له أبو حنيفة : عجب الناس منك أمس ، وأنت بعرفة تماكس ببدنك أشد مكاس يكون ـ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : فما لله من الرضا ان أغبن في مالي قال : فقال أبو حنيفة : لا والله ما لله في هذا من الرضا ، قليل ولا كثير ، ما نجيئك بشيء إلا جئتنا بما لا مخرج لنا منه (٢).
وروى الصدوق ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : ماكس المشتري ، فإنه أطيب للنفس ، وان اعطى الجزيل ، فان المغبون في بيعه وشرائه غير محمود ولا مأجور (٣).
وفي عيون الاخبار بسنده عن الرضا عليهالسلام عن آبائه ـ عليهمالسلام ـ قال : المغبون لا محمود ولا مأجور (٤).
اما ما استثنى من ذلك فيدل عليه ما رواه في الفقيه عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان على بن الحسين يقول لقهرمانة : إذا أردت أن تشترى لي من
__________________
(١) الكافي ج ٤ ص ٤٩٦ حديث : ٣.
(٢) الوسائل ج ١٠ ص ١١٨ حديث : ٢.
(٣) المصدر ج ١٢ ص ٣٣٥ حديث : ٢.
(٤) المصدر حديث : ٣.