قال الفراء : فإن قلت : فكيف قالوا : يتخذ من غير هذا الجنس وغير الياء والواو؟
قلت : أصلها من الأخذ وكثر بها تاء الافتعال فصارت بمنزلة اتقيت حتى توهمها بالتاء أنها أصل ووجدوا الهمزة مقاربا باللواو فاحتملوا ذلك وقواهم عليه قولهم : خذ بحذف الهمزة فضارعت رن وجنسها ؛ فإن قال : فينبغي أن تجيزه في تتكل من اكلت وتتمر من أمرت لقولهم مر وكل قلت لو أن ذاك أني فيها لكان مذهبا ، والأول أكثر لكثرته ، وقالوا فيه لما كثرها تخذها سربه تقعده فكسر الحاء فصارت عند العرب كأنها فعلت وكان ينبغي أن تكون تخذها كما قالوا : تقاك كما قال الشاعر :
تقاك بكعب واحد وتلذه |
|
يداك إذا ما هر بالكف يعسل |
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : إذا كان اتخذ افتعل من الأخذ فالقياس فيه أن يقال : اتخذ يأتخذ ائتخاذا كما يقال في افتعل من الأمر ائتمر يأتمر ائتمارا ومن الأكل ائتكل الضرس ياتكل ائتكالا ويمكن أن يكون قلبوا الهمزة واوا ثم أدخلوه في باب اتزن ، واتعد من الوعد والوزن.
وأما قوله : قواهم عليه خذلانه يشبه زن في الحذف والنقصان ضعيف لأنهم يقولون : كل ومر بالنقصان ولا يقولون : اتمر واتكل ، ويقال للمحتج عنه إذا زعمت أن ترك الإدغام في التاء في باب اطلع واظلم للفرق بينه وبين باب اتزن فهلا أدغموا في التاء الطاء إذا كانت عين الفعل معتلة من واو أو ياء لأن عين الفعل لا تعتل في باب اتزن فيقال في افتعل من طاع يطوع وإن يزن اتاع يتاع وأثاب يثاب وكلام العرب أطاع يطاع وازان يزان.
فإن قال : لما وجب في الصحيح الفرق حمل عليه المعتل قيل له : فهلا حملت المنقوص في الأمر مما عينه من واو على الصحيح ؛ فقلب في المعتل من جاز يجوز وجاز اتار واتار لأنك تقول : جز في الطريق وجزلنا يا ربنا ، وهذا أبين ضعفا من أن يتشاغل به أكثر من ذا.
وقد جعل الفراء تخذها مخففا من اتخذها كما يقال : تقاك من اتقاك ، وهذا وهم ؛ لأن تقاك خففت من اتقاك بأن حذفت التاء الأولى من اتقاك تخفيفا فبقيت التاء الثانية وهي تاء افتعل قلبها ألف الوصل وهي متحركة فاستغنى عنها فطرحت ، وإذا فعل هذا باتخذ سقطت التاء الأولى وبقي تخذ ولا طريق لدخول الكسر.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : والوجه لتخذ أن تكون الياء منقلبة من فاء الفعل ؛ أما