قيل له المصدر وإن كان على مفعل ؛ فإنه موافق لأفعل إلا في زيادة الميم والهمزة وهما نظيران وذلك أن الهمزة الباب فيها أن تكون من زيادات الأفعال وما وجد منها في الأسماء فهو محمول على الفعل وموضعها أول الكلام والميم تكون من زيادة الأسماء وموضعها أول الكلام ويجري مفعل مجرى مفعل في الإعلال فيصير بمنزلة يفعل في الفعل ، وذلك قولك المصير تقول يصير ويسير وكذلك مفعلة تجري مجرى يفعل في الإعلال وذلك المثوبة والمشورة والمعونة هي بمنزلة يقوم ويجود ، فإن قال قائل ما أنكرتم أن تكون المثوبة والمشورة والمعونة على وزن مفعولة ، فيصير بمنزلة مقول ومخوف وهما مفعولان فيكون مشورة مفعولة ، وقد سقط منه إحدى الواوين قيل له الأولى أن تكون مفعلة ؛ لأن مفعولة في المصادر أقل من مفعلة ألا ترى أنهم يقولون ما أكدوا مقدرة وميسرة على أن سيبويه يذكره في صوم صيم ولم يقولوا في صوام صيام وكذلك في الباب أجمع لبعده من الطرف بدخول الألف وإذا وقع فعل فعلا ولام الفعل ياء انقلبت واوا واتبعت ما قبلها فقلت في فعل من رمي رمو ، ومن قضى قضوا والأصل رمى وقضى فإن قال قائل فهلا جعلوا مكان الضمة كسرة لتسلم الياء كما فعلوا ذلك ببيض ومعيشة على مذهب الخليل وسيبويه ، قيل له أن فعل يدخل في ذوات الياء في معنى التعجب كقولهم لسرو الرجل ولفضل في معنى ما أفضله فلو جعلوا مكان الضمة كسرة فقالوا رمى بطل معنى التعجب وأيضا فإن العرب قد فرقت بين الاسم والفعل من هذا الباب فقالوا سرو الرجل ويغزو ولو جعلت ذلك اسما لجعلت مكان الواو ياء ومكان الضمة كسرة فقلت سري ويغزي ألا تراهم قالوا في جمع دلو أدلى والأصل أدلو فنقول في ذوات الواو على مفعل من القول مقول ، ومن القيام مقوم ومن الزيادة مزور وتقول في ذوات الياء على مفعلة من البيع مبيعة ومن زاد مزيدة والأصل مبيعة ومزيدة ألقيت الضمة على ما قبل الياء وانضم ما قبل الياء وسكنت الياء فكسرت ما قبل الياء لتسلم الياء كما فعلت ذلك في مفعلة من معيشة وأما الأخفش فقوله في مفعل من ذوات الياء مثل مسعط مبوع فتقلب الياء لانضمام ما قبلها لما ألقيت ضمتها على ما قبلها كما قالوا في مفعلة من العيش معوشة.
قال : " وقد قال قوم في مفعلة فجاءوا بها على الأصل وذلك قول بعضهم أن الفكاهة مقودة إلى الأذى وهذا ليس بمطرد" يعني : أن هذه المصادر التي ذكرنا وجوب إعلالها قد تجيء على الأصل كا يجيء الفعل على الأصل وليس ذلك بقياس مطرد في هذه المصادر ولا في الفعل ، وإنما يجيء نادرا فالذي جاء في المصادر مقودة ومطيبة وكأن القياس أن يقال مقادة ومطابة ، والذي جاء في الفعل نحو قولهم أجود وأغيلت المرأة