وبه يندفع توهم الوجوب من هذه الأخبار ونحوها. ومن المحتمل قريبا حمل هذه الأخبار ونحوها مما ورد دالا على ترتب العذاب على ترك المستحبات على ما إذا كان الترك على جهة الاستخفاف وعدم المبالاة بكمالات الشرع ، وقد تقدم تحقيق القول في ذلك في المقدمة الثانية من مقدمات هذا الكتاب.
ومما يؤيد ذلك زيادة على ما قدمناه في الموضع المذكور ما رواه في الكافي (١) في الحسن عن ميسر عن أبيه عن ابى جعفر عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة لعنتهم وكل نبي مجاب : الزائد في كتاب الله والتارك لسنتي والمكذب بقدر الله والمستحل من عترتي ما حرم الله والمستأثر بالفيء المستحل له».
والتقريب فيه انه عد التارك لسنته في عداد هؤلاء الذين لا إشكال في كفرهم وجعله ملعونا مثلهم ، ولا ريب ان الجماعة أفضل سننه صلوات الله عليه وآله ولا بد من حمل الترك فيه على كونه استخفافا وتهاونا ، وقد ورد اللعن زجرا في مواضع مثل من سافر وحده أو بات في بيت وحده أو نام على سطح غير محجر (٢) ونحو ذلك ، والوجه فيه ما عرفت.
__________________
(١) الأصول ج ٢ ص ٢٩٣ وفي الخصال أبواب الستة «قال رسول الله (ص) ستة لعنهم الله وكل نبي مجاب. كما في المتن وزاد المتسلط بالجبروت ليذل من أعزه الله ويعز من اذله الله». وفي أبواب السبعة «قال رسول الله (ص) انى لعنت سبعة لعنهم الله وكل نبي مجاب قبلي. فقيل ومن هم؟ فقال الزائد في كتاب الله. وزاد والمحرم ما أحل الله». ورواه بطريقين. وفي كنز العمال ج ٨ ص ١٩١ عن عائشة «قال رسول الله (ص) ستة لعنتهم وكل نبي مجاب. كما في الخصال برواية الستة إلا انه أبدل المستأثر بالفيء بالمستحل لحرم الله». وكذا في مجمع الزوائد ج ٧ ص ٢٠٥ إلا انه لم يذكر السادس. وفي كنز العمال ايضا ج ٨ ص ١٩٢ عن عمرو بن شعيب «قال رسول الله (ص) سبعة لعنتهم. وزاد على روايته المتقدمة المستأثر بالفيء» ...
(٢) الوسائل الباب ٢٠ من أحكام المساكن و ٣٠ من آداب السفر «لعن رسول الله (ص) ثلاثة : الآكل زاده وحده والنائم في بيت وحده والراكب في الفلاة وحده». وفيه النهى