مع أنّ الإنسان
العارف يعلم أن قسّام الأرزاق بجملتها هو الحكيم علىٰ الإطلاق ، قد قدّر لكلّ فرد من أفراد الأناسي والحيوانات رزقاً معيّناً معلوماً ، مقسوماً في
أوقات خاصة ، لا يقدّم ولا يؤخر طرفة عين.
بر سر هر لقمه
بنوشته عيان
|
|
كز فلان بن فلان بن
فلان
|
بل لكلّ غصن من أغصان
الأشجار والنباتات وأوراقها رزق معيّن مشخّص ، مرزوقة به ، لا ترتزق ورقة رزق الاُخرىٰ ، بل جميع العالم مرزوقة من الله
تعالىٰ من السماوات والأرضين ، كلّ برزق مخصوص يختصّ به ، كما مرّ في أوائل هذا الشرح.
فإذا كان أزمّة
الاُمور من الأرزاق وغيرها بيده تعالىٰ ، فِلَم لا يرتضي العبد القانع بما تيسّر له من المعيشة ، واغتم بأقسام الآخرين ، وأخرج نفسه من سلسلة الصابرين والشاكرين ؟! والحمد لله رب العالمين.
( وَفِي جَمِيْعِ الأَحْوَالِ
مُتَواضِعاً )
التواضع : التذلل ، وفي الحديث : ( ما تواضع أحد لأحد لله إلّا رفعه ).
فالعارف البصير ، والمسترشد
الخيبر ، الناظر بنور الله إلىٰ وجهه الكريم ، في كلّ حال من الأحوال لابدّ أن يكون متواضعاً عند الجميع في جميع الأحوال ؛ لأنّه لا يرىٰ شيئاً إلّا وقد يرىٰ الله فيه أو معه أو بعده ، ما ورد عن أمير
المؤمنين عليهالسلام ( ما رأيت شيئاً إلّا وقد رأيت الله قبله أو فيه أو معه ) علىٰ تعدّد الرواية .
وكان تواضعه وخضوعه
وخشوعه كلّه لله تعالىٰ ، بل الكامل المرشد إذا ذهل طرفة عين عن استبصار أنواره تعالىٰ ، وأحياناً توجّه إلىٰ الغير
بإسناده فعل من الأفعال أو موجود من الموجودات إلىٰ غيره تعالىٰ ، ثم التفت
إلىٰ ذلك النظر ، استغفره تعالىٰ وأناب إليه ، كما قال صلىاللهعليهوآله : ( ليغان علىٰ قلبي ، وإنّي
لأستغفر الله في كل يوم سبعين
_____________________________