لأنَّ
كلّ العقول في تعقّلاتهم يتّصلون بالعقل الفعّال وبروح القدس ، كما هو مقرر عند الحكماء قاطبة ، فهي كمرائي حازت وجوهها شطر مرآة كبيرة فيها كلّ المعقولات ، فيفيض علىٰ كلٍّ قسطه بحسبه : ( وروح القدس في جنان الصاقورة ، ذاق من
حدائقهم الباكورة ) .
بل الشفاعته منها : تكوينية
ساريه ، ولكلّ موجود منها قسط بحسب دلالته علىٰ الله تعالىٰ ، كالنبوة التكوينيّة السارية ، وكالمعلّم بالنسبة إلىٰ
الأطفال ، والرجل بالنسبة إلىٰ أهل بيته. ولهذا ورد أن المؤمن يشفع أكثر من قبيلة ربيعة أو
مضر.
ومنه : شفاعة القرآن
لأهله ، وأمثال ذلك.
لكن لمّا كان دلالتها
بتعريف النبوّة وإرشاد الولاية في الظاهر أو في الباطن ـ وفي الشرائع والطرائق والحقائق : الفقهاء مظاهر الأنبياء ، والعرفاء مظاهر
الأولياء والأوصياء ، ومناهج الظواهر والمظاهر في الأوائل والأواخر كأنهار أكابر وأصاغر ، من قاموس منهج خاتمهم ، كما قال صلىاللهعليهوآله : ( الشريعة أقوالي ، والطريقة أفعالي
، والحقيقة حالي ) . وله السيدودة العظمىٰ علىٰ جميعهم ، كما قال صلىاللهعليهوآله : ( أنا سيّد ولد آدم ولا فخر ) ، وقال : ( آدم ومَن دونه تحت لوائي يوم القيامة )
ـ ختم عليه الدلالة العظمىٰ في الاُولىٰ ، والشفاعة الكبرىٰ في الاُخرىٰ ، كما قال
تعالىٰ : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ) » .
ثم قال :
« إن قلت : كيف تتحقّق الشفاعة في الاُخرىٰ لمن يرتكب الكبائر ، ولا دلالة ولا هداية له في الاُولىٰ ؟
قلت : لا يمكن ذلك ، اذ
له عقائد صحيحة ـ ولو إجمالية ـ متلّقاة من الشارع
_____________________________