والفرق بينهم وبين غيرهم من الرواة الثقاة وجود الاجماع على وثاقة هؤلاء دون غيرهم ، وقد ذكرنا فيما سبق أنّ هذا الاحتمال ذكره صاحب الوافي ، واختاره السيّد الاستاد قدسسره.
وقد استدلّ عليه صاحب الوافي (١) بوجهين :
الأوّل : ما ذكره قدسسره من أنّ العبارات الثلاث كما يحتمل فيها المعنى المشهور ، وهو الدلالة على توثيقهم وتصحيح رواياتهم بالنسبة إلى من بعدهم من دون ملاحظة حالهم من الضعف أو الجهالة أو الارسال ، كذلك يحتمل أنّ هذه العبارات تدلّ على أنّ هؤلاء ثقاة في أنفسهم بالاجماع مع قطع النظر عن الشرائط الاخرى ، فإذا كانت العبارات محتملة لهذين الأمرين فلا يمكن الأخذ بأحدهما ، إلّا أن القدر المتيقن هو الاحتمال الثاني ، فحينئذ يكون هو المرجّح ، من باب الأخذ بالقدر المتيقّن ، إذ ما عداه مشكوك فيه فلا يمكن الأخذ به.
الثاني : لو سلّمنا أنّ العبارات الثلاث دالّة على وثاقة من بعدهم ، إلّا أنّ المثبت لذلك هو الاجماع المنقول بخبر الواحد ، وهو غير حجّة لعدم دخوله في حجيّة خبر الواحد ، ولا أقل في كونه مشكوك الحجيّة ، والشكّ فيها مساوق لعدمها ، وعليه لا يمكن الأخذ بهذه الدعوى.
وقد أضاف السيد الاستاذ وجها ثالثا ، وحاصله :
انّ هذه الدعوى غير تامّة ، لأنّ المشايخ القدماء لم يعملوا بهذا الاجماع ولم يعولوا عليه ، فإنّ الشيخ ناقش في روايات صفوان ، وابن أبي عمير ، وغيرهما ممّن ذكر في معقد الاجماع ، وغيرهم ، ممّن ادّعى في حقّه أنّه لا يروي ولا يرسل إلّا عن ثقة ، فمناقشة الشيخ كاشفة عن عدم تماميّة الاجماع (٢).
__________________
(١) الوافي ج ١ ص ١٢ الطبعة القديمة.
(٢) معجم رجال الحديث ج ١ ص ٦٣ الطبعة الخامسة.