تهبّ منه رياح التغيير ، تغيير الأنساق والتحليق في آفاق الإبداع والابتكار ، فكان أن رُفِدت الأوساط المعرفية والمعاقل الثقافية بروائع الآثار والمصنّفات التي تعكس النموّ الهائل الذي طرأ على مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) خصوصاً في علمي الفقه والاُصول ، وبعض النتاجات في علم التفسير وخطوات دون مستوى الطموح في علمي الكلام والتاريخ ، أمّا في ميدان مواجهة المناهج الفلسفية والفكرية والإنسانيّة ـ كالبنيونيّة والحداثوية والبنيوية المحدثة والعولمة والأنسنة وما يشوبها من مفاهيم كنهاية التاريخ وأصل الأنواع وفلسفة الدلالة والحكمة العملية والعقلانية ونظائرها ـ فلازلنا في أوّل الطريق.
إنّنا في صراع دائم ، سواء على صعيد الذات بمعنييها الأخصّ والأعمّ ، أم على صعيد الآخر أيضاً بمعنييه الأخصّ والأعمّ.
إلى ذلك : إنّ صراع اليوم يختلف تماماً بأساليبه وإمكاناته ومضامينه عن صراع الأمس ، إنّها «العقلانية» ـ مثلاً ـ التي إن لم نحسن الغور في أعماقها السحيقة وبطونها العميقة ، ستهدّدنا وتغزونا في عقر دارنا ، بل قد فعلت ذلك بنا ، وللمثال فقط : لو تابعنا وقرأنا حجم الفضاء الذي يشغله الخطاب الأميركي عبر الأقمار الصناعية ومواقع الانترنت ، الذي غزا حتى فرنسا الكبرى بأكثر من ٥٠% ، لعرفنا كم نحن تحت رحمة ثقافة الآخر دون أن نشعر بذلك حتى ، إلاّ من خلال التيه الملحوظ الذي يمرّ به الكثير من أبناء أمّتنا وديننا ومذهبنا.